للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنهم حدُّوه بقدرٍ اختلفوا فيه بسبب اختلافهم في القدر الذي تُقطع به يد السارق، لكنهم قاسوه على ذلك.

قوله: (وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ مِنَ الشَّبَهِ الَّذِي لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ اللَّفْظ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْقِيَاسِ (١) مَرْدُودٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ).

يقصد عند المحققين من الأصوليين (٢).

قوله: (لَكِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا هَذَا الْقِيَاسَ فِي إِثْبَاتِ التَّحْدِيدِ الْمُقَابِلِ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ؛ إِذْ هُوَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ).

هذا القياس الذي تعرَّض له من قبلُ وهو: هل هو عِوض فيُلحق بالبيوع أو هو عبادة فيُلحق بغيره من العبادات فيكون مؤقتًا؟ فبيَّن ضعفه، وذكر القياس الآخر الذي هو القياس على حد السرقة وهو أيضًا قياس ضعيف؛ لأنه جامع الاستباحة في كلٍّ، والاستباحة أولًا غير مسلَّمة في غير الإطلاق ثم هناك فرقٌ بين استباحة تكون غايتها اللذة، وبين استباحة يكون غايتها إزالة هذا العضو الذي تجاوز الحد وارتكب حدًا من حدود الشريعة فكان سببًا في قطع هذا العضو.

قوله: (وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلُوهُ فِي تَعْيِينِ قِدْرِ التَّحْدِيدِ، وَأَمَّا الْقِيَاسُ الَّذِي اسْتَعْمَلُوهُ فِي مُعَارَضَةِ مَفْهُومِ الْحَدِيثِ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ هَذَا، وَيَشْهَدُ لِعَدَمِ التَّحْدِيدِ مَا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ: أَنَّ امْرَأَةً تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟ " فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَجَوَّزَ نِكَاحَهَا. وَقَالَ: "حَدِيثٌ حَسَن صَحِيحٌ" (٣)).


(١) يقصد قياس الشبه، وتقدم تعريفه.
(٢) يعني: إذا كان حكم الأصل تعبديًّا محضًا لم يصح القياس عليه؛ ولهذا قلنا: لا قياس في العبادات - ليس في شروطها وأركانها - لكن في أصل مشروعيتها.
انظر: "المحصول" للرازي (٥/ ٣٤٨).
(٣) أخرجه الترمذي (١١١٣) عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه: أن امرأة من بني فزارة =

<<  <  ج: ص:  >  >>