للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما هو ينسب إلى عدم وجود الأب لا عدم وجود الأم، لكن هذا اليُتم لا يستمر مع الإنسان، فكثيرٌ من الناس يموت أبوهم وهم في السن التي لم يبلغوا فيها، فهل يظل حتى أن يصبح شيخًا يقال له: يتيم؟ لا، ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُتم بعد بلوغ" (١)، فاليُتم يزول ببلوغ الإنسان سن الرشد، فما قبل ذلك يسمى يتيمًا؛ لأنه بحاجة إلى رعاية وعناية.

ولذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيَّن لنا فضل من يمسح على رأس اليتيم (٢)، ومن يُحسن إلى اليتيم (٣)، ومن يتصدق على اليتيم (٤)، من يلاطف اليتيم ولو بكلمات بسيطات فيها رحمة وعطفٌ وحنان، لا شك أن الإنسان يُثاب على هذا العمل.

والله سبحانه وتعالى حذر من أكل أموال اليتامى فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} [النساء: ١٠]، فما بالك بأولئك الذين يستضعفون اليتامى فيستولون على أموالهم ويغشونهم ويستخدمونهم استخدامًا شديدًا بالقوة، إن كان في


(١) أخرجه أبو داود (٢٨٧٣) قال علي بن أبي طالب: حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٢٤٤).
(٢) منها: ما أخرجه أحمد في "مسنده" (٧٥٧٦) عن أبي هريرة: أن رجلًا شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسوة قلبه فقال له: "إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم". وضعف إسناده الأرناؤوط.
(٣) منها: ما أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٢١٥٣) عن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى". وقال الأرناؤوط: "صحيح لغيره دون الشطر الأول منه بقصة المسح على رأس اليتيم".
(٤) منها: ما أخرجه النسائي (٢٥٨١) عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " … وإن هذا المال خضرة حلوة، ونعم صاحب المسلم هو إن أعطى منه اليتيم والمسكين وابن السبيل، وإن الذي يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة". وصححه الألباني في "التعليقات الحسان" (٣٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>