للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجمهور، ومرة يَرَى التسوية بينهما وعبد الله بن عمر نُقِلَ عنْه (١) أنه يُسوي بين الذَّكَرِ والأنثَى، فشاة عن الغلام ومثلها عن الجارية لا فرَقَ بينهما، أما دليل الجمهور الذين قالوا: شاتان عن الغلام الأحاديث التي مرت كحديث عائشة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "عن الغلام شاتَانِ متَكَافئتانِ، وعن الجارِيَةِ شاةٌ" (٢)، فهذا نص فيهما، والذين قالوا: كبشًا كبشًا استدلوا بالحديث الذي ساقه المؤلف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - "عقَّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا" (٣)، يعني لكل واحد منهما كبشًا، وأما الذين قالوا: وَهِمَ الحسن - كما ذكر المؤلف - وقتادة (٤) لا يعق عن الأنثى، المؤلف لم يُبَيِّن السبب، لكن ذَكَرَتْ عِلَّة قولهما في ذلك أنهما قالا: إن هذه العقيقة إنما يذبحها الإنسان إذا وُلدَ له مولود فيُسَرُّ به، والمعروف أن الإنسان إنما يسَرُّ بالذَّكَرِ لا بالأنثى، ولننتبه لا يفهم من هذا أن الإنسان يسخط من قَدَرِ الله، أو أنه لا يرضى بما وهبَه الله سبحانه وتعالى لكن النفوس دائمًا جبلت على أنها تَسْعَدُ إذا بُشِّرَ الإنسان بذكر، لكن الإنسان المؤمن التقي النقي الورع إذا رزقه الله أنثى فيحمد الله سبحانه وتعالى على ذلك ولم يجعله عقيمًا (٥) والله سبحانه وتعالى وهبه هذه الفتاة فهذا إكرام من اللَّهِ سبحانه وتعالى، فهو الذي يهَبُ من يشاء إناثًا ويهَبُ لمن يشاء الذكور، هذا هو عطاؤه، إذن: هناك رضاء بقضاء الله وبقدره، لكن السرور عادة يحصُلُ بالذَّكَرِ، فلو وجدت إنسانًا مضت عليه سِنون عديدة ولم يرزق بمولود، ثم بعد ذلك تأتيه بنت فتجد أنه تغمره السعادة وتغطيه، هذه


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤/ ٣٣١) عن عبد الله بن عمر، ومعمر، عن أيوب، عن نافع قال: كان ابن عمر لا يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاها إياه، قال: فكان يقول: "على الغلام شاة، وعلى الجارية شاة".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٣٢٠)، حيث قال: "وانفرد الحسن بقوله: لا يعق عن الجارية، وإنما يعق عن الغلام، وقد روي أن قتادة تابعه على ذلك".
(٥) امرأة عقيم: لا تلد. ورجل عقيم: لا يولد له. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (١/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>