للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الدين، وأتم به النعمة، وأن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- رضي لنا هذا الإسلام دينًا، وأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في اللَّه حق جهاده، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "مَنْ حَجَّ فلم يرفث، ولم يَفْسق، رَجَع من ذُنُوبه كيوم وَلَدته أُمُّه" (١)، واللَّهُ تَعالَى يقول: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ} [البقرة: ١٩٧]، إن كان هناك جدال، فينبغي أن يكون في الحق، وإن كان هناك كلام، فليكن في ذكر اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عملًا بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)}.

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفِ العُلَمَاءُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَمَا صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ بِعَرَفَةَ، ارْتَفَعَ، فَوَقَفَ بِجِبَالِهَا دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَوَقَفَ مَعَهُ كُلُّ مَنْ حَضَرَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ).

والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ركب بعيره، ووقف عليه، فيشرع الآن أن نجلس على السيارات، وإن فعلنا ذلك فذاك شيء طيب، وإن وقفنا دون أن نتأذى بذلك، فلا مانعَ، وَإن جلسنا، فلا مانعَ حتى لو كان الإنسان مستلقيًا أو متكئًا، فكل ذلك جائز، واللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لا ينظر إلى صورنا، وإنما ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، وما يهمُّ في هذا الموقف أن يحسن القصد والعمل للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وأن يلحَّ في الدعاء.

* قوله: (وَأَنَّهُ لَمَّا اسْتَيْقَنَ غُرُوبَهَا، وَبَانَ لَهُ ذَلِكَ، دَفَعَ مِنْهَا إِلَى المُزْدَلِفَةِ" (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٥٢١)، ومسلم (١٣٥٠).
(٢) أخرجه مسلم (١٢١٨)، عن جابر: حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلًا، حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقَدْ شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: "أيها الناس، السكينة السكينة"، كلما أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>