للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعللوا ذلك بأن هذه رخصة، وقد خُصَّت بالمطيعين للَّه عزَّ وجلَّ، لا حقَّ للعصاة في الترخص بها.

فإذا كان يخشى على نفسه، ويريد أن يُبقي على حياته -وهو ما تحافظ عليه هذه الشريعة الإسلامية- فعليه أن يتوب من معصيته أولًا. وإلا فإذا بقي في هذه الحالة -التي يرى فيها الموت رأي العين- على معصيته: فكيف يرخَّص له في أكل الميتة حالة الاضطرار، ويسهل له في هذا الأمر؟ وإنما عليه أن ينيب إلى اللَّه عزَّ وجلَّ، وأن يرجع إليه، وأن يقلعَ عن معصيته، وحينئذٍ يحق له أن يأكل من هذه الميتة ما يحتاج إلى أكله، مما يدفع به الرَّمَق، ويسد به حاجته، ويدفع به عن نفسه الموت.

على كل حال نقول: هل الأخذ من الزكاة خاص بالمسافر سفر طاعة؟ أو أنه عام في كل سفر؟

(١) من العلماء من قال: هو خاص بالمسافر سفر طاعة، وكذا بمن سافر سفرًا مباحًا، كأن يكون في تجارة، فهذا يُعطى من الزكاة ما ينفق به على نفسه في سفره هذا.

(٢) وبعضهم قال: بل يجوز إعطاء المسافر سفر معصية من الزكاة.

* قوله: (فَلَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُهُ).

ولذلك سبق أن قيد المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ ذلك بسفر الطاعة؛ لأن هذا هو مذهب المالكية. وربما يكون هذا هو الذي وقف عليه. لكن لو انتقلت إلى مذهب الشافعية لوجدت إطلاقًا وقيدًا.


مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٦/ ١٩٧) حيث قال: " (وليس للمضطر في سفر المعصية، كقاطع الطريق و) القنِّ (الآبق الأكل من الميتة ونحوها) من المحرمات. قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: ١٧٣]. (إلا أن يتوب) من المعصية فيأكل من المحرم؛ لأنه صار بالتوبة من أهل الرخصة".

<<  <  ج: ص:  >  >>