للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن قال: هو معنًى شرعيٌّ جعل حد الغني من ملك خمسين درهمًا (١)؛ لأن هذا المقدار الغني قد ورد فيه نصٌّ كما سبق في الحديث الذي رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، والدارقطني، والطحاوي، والحاكم، وغيرهم.

وبيَّنا أن له عِدَّة طرق، هو بمجموعها صالح للاحتجاج به، فهذا الحديث ثبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد صححه العلماء، فلأَجْلِه ذهب هؤلاء إلى أن معنى الغِنَى شرعي. ومع أن المؤلف سيذكر هذا الحديث فإنه ما ذكر هذا القول، وإنما أجَّل الكلام فيه. وقد جاء حدُّ الغِنى في أثرٍ آخر بأوقية وهي أربعين درهمًا (٢).

* قوله: (وَمَنْ قَالَ: مَعْنًى لُغَوِيٌّ. اعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ أَقَلَّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ).

من اعتبر معنى الغنى شرعي قال: نقف عند حدود الشرع؛ فهو الذي حدَّد لنا نِصابًا، وبيَّن أن من ملكه تجب عليه الزكاة، ومفهوم ذلك أنه غني، وما دون ذلك المفهوم الشرعي، فليس بغني.

ولكن إذا جئنا إلى اللغة، ونظرنا إلى مصطلح الغنى لغويًّا؛ لنعرف من الذي يُسمَّى غنيًّا، الذي لا يُسمَّى غنيًّا: فهل الغني هو الذي يجد ما يكفيه؟ أو هو الذي يجد بعض ما يكفيه؟

إذًا فهناك تعليلات عِدَّة تتعلق بالمعنى اللغوي، وهذا هو مراد المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ بهذه العبارة.

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ أَقَلَّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ هُوَ مَحْدُودٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَفِي كُلِّ شَخْصٍ جَعَلَ حَدَّهُ هَذَا. وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ،


(١) يُنظر: "الإقناع"، للحجاوي (١/ ٢٩١) "ومن ملك نقدًا ولو خمسين درهمًا فأكثر أو قيمتها من الذهب أو غيره ولو كثرت قيمته لا يقوم بكفايته ليس بغنى".
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>