للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحديث أخرجه مسلم (١)، إذًا ثبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يكثر من قراءة هذه السور، لكن ذلك ليس متعينًا، ولذلك قال المؤلف رحمه اللَّه بأنه ليست هناك سور متعينة، فنحن نرى أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ أيضًا - في فجر يوم الجمعة في الركعة الأولى بسورة السجدة {الم (١) تَنْزِيلُ}، وفي الركعة الثانية بـ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} (٢)، وتكلم العلماء -أيضًا- في ذلك، فبعضهم يقول: لأجل السجدة (٣)، وبعضهم قال: لم يكن لأجل السجدة، وإنما لما في هاتين السورتين من اشتمال على أمور لها علاقة بيوم الجمعة (٤)، ومعلوم أن يوم الجمعة قد اختص اللَّه به هذه الأمة، وأن فيه من المزايا الشيء الكثير، وقد عرضنا لبعضها عندما تحدثنا عن يوم الجمعة: "فيه خُلِق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، وفيه ساعة عظيمة لا يُدركها مسلم يُصلي يدعو اللَّه سبحانه وتعالى إلا أعطاه سؤله" (٥)، كذلك -أيضًا- فيه يُبعث الناس، فالعرض الأكبر إنما هو في يوم الجمعة، فيه يعاد الناس ويبعثون، ففيه مزايا؛ ولذلك نجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يركز في خطبه في يوم


(١) أخرجه مسلم (٨٩١/ ١٤).
(٢) أخرجه البخاري (٨٩١) ومسلم (٨٨٠).
(٣) بل ذكر شيخ الإسلام عكس ما ذكره الشارح رحمه اللَّه.
يُنظر: "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (٢/ ٣٦٠) حيث قال: "فليس الاستحباب لأجل السَّجدة، بل للسُّورتين، والسجدة جاءت اتفاقًا".
(٤) يُنظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (٤/ ٦٣) حيث قال: "وإنَّما المقصود قراءة هاتين السورتين {تَنْزِيلُ} و {هَلْ أَتَى}، وذلك لما فيهما من بدء خلق الإنسان وذكر القيامة؛ فإنها في يوم الجمعة؛ فإن آدم خُلق يوم الجمعة، وفي يوم الجمعة تقوم الساعة؛ فاستحب قراءة هاتين السورتين في هذا اليوم تذكيرًا للأمة بما كان فيه ويكون، والسجدة جاءت تبعًا غير مقصود".
(٥) أخرجه الترمذي (٤٩١) عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي فيسأل اللَّه فيها شيئًا إلا أعطاه إياه"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (١/ ٤٩١)، وأصله في "الصحيحين".

<<  <  ج: ص:  >  >>