للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاصة: ننتهي من ذلك إلى أنَّه قد وردت أحاديثُ صحيحة صريحة، تلقَّاها العلماء بالقبولِ، منذ زمنِ الصَّحابة -رضوان الله عليهم- حتى عصرِ الأئمة، ومن جاء بعدهم، وهي أحاديث صحيحة وصريحة لا تحتمل تأويلًا ولا تبديلًا ولا تغييرًا، وهي تلتقي مع الآية التي في سورة المائدة، إذ الآية ليس فيها ردٌّ للمسح على الخُفَّين، وإنما الذي ورد في الآية هو غسل القدمين، وهي خاصَّةٌ في غيرِ لابِسِ الخُفِّ، أمَّا لابِسُ الخفِّ فإنَّ السنةَ هي التي بيّنت ذلك، والسنَّةُ إنَّما هي بيان لكتاب الله عَزَّ وَجَلَّ، والله تعالى يقول: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، ويقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "ألا إنِّي أوتيت القرآن ومثله معه" (١).

إذًا القول الأول: هو جواز المسح على الخفين، وهو رأي عامَّةِ العلماء الذين يُعتدُّ برأيهم، ومن يقول بغير ذلك فرأيه باطل.

القول الثاني: جواز المسح على الخفين في السفر دون الحضر.

ومن قالوا بهذا القول ذكروا لتوجيه مذهبهم:

السبب الأول: ما ذكره المؤلف، أنهم قالوا: إن المسح على الخفين إنما هو من باب التيسير والتخفيف، بمعنى آخر: إن المسحَ على الخفين رخصة، فقد رُخِّص للإنسان أن يمسح على الخفين، ومظِنّة المشقة إنما هو السفر، فالحاضر لا يلحقه مشقة، ولا يتأذى بغسل قدميه في كل صلاة، ولذلك قالوا: هذا أمرٌ مقصورٌ على السفر.


(١) أخرجه أبو داود (٣٨٠٤)، وأحمد (٢٨/ ٤١٠) عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا إني أوتيت الكتاب، ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه". وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٢٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>