للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأَكْثَر العُلَماء على أنَّه (لا يقطع الصلاة إنما ينقصها)، فقد نُقِلَ عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه قال: "ينقص نصف الصلاة" (١)، ولا شك أنه قَدْ جاء التحذير من المرور، وأن من مرَّ يأثم بذلك إذا كان عالمًا بالنهي والوعيد الوارد فيه، أمَّا إذَا كان ناسيًا جَاهلًا للتحريم، فلا إِثْمَ علَيه؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رُفِعَ عن أُمَّتي الخَطأ والنِّسيان وَمَا استُكْرهوا عليه" (٢).

وقَدْ نُقِلَ عن الإمام أحمد في روايته مع الفريق الثاني (أنَّه لما سُئِلَ عن مُرُور الكلب والحمار والمرأة؟! فقال: مرور الكلب يقطع، وقال: في نفسي من الحمار والمرأة شيء) (٣)؛ لأن الكلب لم يرد أدلة أُخرى تقيده، والأسود خاصة، أما بالنسبة للحمار والمرأة وردت أدلة أُخرى تدل على عدم جواز ذلك.

* قوله: (وَسَبَبُ هَذَا الخِلَافِ: مُعَارَضَةُ القَوْلِ لِلْفِعْلِ).

لماذا خصت هذه الأشياء (المرأة، والحمار، والكلب الأسود)؟

أما عن الكلب، فقَدْ ورد في حديث أبي ذرٍّ -رضي اللَّه عنه- لما سُئِلَ: ما بال الكلب الأسود من غيره؟ قال: سَألتُ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه، فَقَال: "شَيْطان" (٤).

لَيْس مَعْنى ذلك أنه شيطانٌ في ذاتِهِ، لكن العلماء تأوَّلوا ذلك،


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٥٢)، ونصه: "إنه ليقطع نصف صلاة المرء مرور المرء بين يديه".
(٢) لم يَرِدْ بهذا اللفظ، وإنما أَخْرَجه ابن ماجه (٢٠٤٥) وغيره، ولفظه: عن ابن عباس، عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّهَ وَضَع عن أُمَّتي الخطأَ، والنِّسيان، وما استُكْرهوا عليه"، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (١٨٣٦).
(٣) يُنظر: "مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه" للكوسج (٢/ ٦٤٠ - ٦٤٢)، حيث قال: "قلت: ما يقطع الصلاة؟ قال: ما أعلمه يقطعها إلا الكلب الأسود الذي لا أشك فيه، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء".
(٤) أخرجه مسلم (٥١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>