للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام- أنكر عليه ذلك الصَّنيع بقوله: "ألست برجل مسلم".

ولهذا، نجد مِن العُلماء الذين منَعُوا إعادة الصلاة في المسجد، أو تكررها، بمعنى أنها إذا أُقِيمَت جماعة ثُم جماعة أُخرى، فالذين يقولون لا تُكرر الجماعة يعللون بأن ذلك قد يؤدي إلى الخلاف، فإذا كان هذا المسجد له إمام راتب، ثم جاء آخر فصلَّى بآخرين؛ فهذا قد يؤدي إلى الاختلاف والعداوة، وتشتيت الكلمة، وإنما صلاة الجماعة قصد بها توحيد الكلمة، وأيضًا يضاف إلى ذلك أن يتساهل الناس في الصلاة مع الإمام، لأنه يقول: إذا فاتت سأجد جماعة أخرى أصلي معهم.

لماذا قال بالجملة من ناحية أُخرى؛ لأن هذا الحديث هو قضيَّة لفردٍ واحدٍ، فمِحْجَن جلس في مكانه ولم يُصَل، ثم أنكر عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرد قائلًا في الحديث: "صليت لأهلي"، فقال رسول اللَّه: "إذا جِئْتَ فصلِّ مع الناس"، فهذه قضية لشخص، والمؤلف يقول: وإن كانت واقعة لشخص، لكن تعم غيره.

* قوله: ("أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ لَهُ حِينَ دَخَلَ المَسْجِدَ وَلَمْ يُصَلِّ مَعَهُ: "مَا لَكَ لَمْ تُصَلِّ مَعَ النَّاسِ، أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ " فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنِّي صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي، فَقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ" (١)).

من هذا الحديث تتَّضِح الدلالة بأن مَن صلى فدخل مسجدًا فوجد الناس يصلون فإنه يصلي معهم، هل العبرة هنا بعموم اللفظ أم بخصوص


= ثم رجع ومحجن في مجلسه فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما منعك أن تصلي؟ ألست برجل مسلم؟ " قال: بلى. ولكني كنت قد صليت في أهلي. فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت" وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٤٦٧).
(١) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>