للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلَّم فيه أبو داود (١) - وهو أحد رواته - وبيَّن وقْفَه، وأمَّا من صحَّحه فهم قلَّة من أهل العلم بخلافِ قول المؤلِّف أن كثيرًا منهم قد صحَّحه (٢).

• قوله: (فَذَهَبَ النَّاسُ فِي هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ إِمَّا مَذْهَبَ الجَمْعِ، وَإِمَّا مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ، فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ فَالحِجَازِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: حَدِيثُ بِلَالٍ أَثْبَتُ، وَالمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْجَبُ، وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الجَمْعِ فَالكُوفِيُّونَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نِدَاءُ بِلَالٍ فِي وَقْتٍ يَشُكُّ فِيهِ فِي طُلُوعِ الفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي بَصَرِهِ ضَعْفٌ، وَيَكُونُ نِدَاءُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي وَقْتٍ يَتَيَقَّنُ فِيهِ طُلُوعَ الفَجْرِ).

التوجيه الذي ذكره المؤلف غير مسلَّم به؛ لأن المؤذِّن الثاني كما مرَّ في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - الذي رواه البخاري كان رجلًا أعمى، وكان لا يؤذِّن حتى يقال له: أصبحت أصبحت (٣).

ويشار إلى أن للحنفية أدلّة أُخرى على مذهبهم لم يستوفها المؤلِّف، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لبلال - رضي الله عنه -: "لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر" (٤)، وهم يرون أن هذا أقوى من الحديث الأول من حيثُ الدلالة على المقصود،


(١) يُنظر: "سنن أبي داود" (١/ ١٤٦)؛ حيث قال: "وهذا الحديث لم يروه عن أيوب، إلا حماد بن سلمة"، ثُم ذكر بعده حديث قائلًا: "وقد رواه حماد بن زيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع أو غيره أن مؤذنًا لعمر، يقال له: مسروح أو غيره، قال أبو داود: رواه الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان لعمر مؤذن، يقال: له مسعود وذكر نحوه وهذا أصح من ذاك".
(٢) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٠٣) حيث قال: "ورجاله ثقات حُفَّاظ، لكن اتفق أئمة الحديث - عليّ بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، والذهلي، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، والأثرم، والدارقطني - على أن حمادًا أخطأ في رفعه، وأن الصواب وقفه على عمر بن الخطاب، وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه، وأن حمادًا انفرد برفعه".
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه أبو داود (٥٣٤)، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

<<  <  ج: ص:  >  >>