للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره (١)؛ حيث كانوا يصلون بعد صلاة العصر، ولذلك سُئِل الإمام أحمد عن الصلاة بعد العصر فقال: "لا نفعله ولا نلوم فاعله" (٢)، أي: لا نصلي بعد العصر، ولا نلوم مَن يصلي فيه، ثم ذكر حديث عائشة: "ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد العصر في بيته قط " (٣)، وكذلك في الحديث الطويل المتفق عليه (٤): أن ثلاثة من الصحابة، (وهم: عبد الله بن عباس، والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن أظهر) قد اجتمعوا وتدارسوا فيما يتعلَّق بالصلاة بعد العصر، فاتفقوا على أن يرسلوا قريبًا وهو مولى عبد الله بن عباس إلى عائشة - رضي الله عنها - يُقرِئها السلام عن هؤلاء الثلاثة، ثم يسألها قائلًا على لسانهم: "بلغنا أنكِ تصلين بعد العصر، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن ذلك؟! فلَم تُجبه، وردَّته إلى أمِّ سلمة، ولم يذهب إلى أمِّ سلمة مباشرة، وإنما عاد إلى الثلاثة الذين أرسلوه وأخبرهم بما دار بينه وبين عائشة وبما قالت له، فأرسلوه إلى أمّ سلمة - رضي الله عنها - فسألها عن ذلك، فأخبرته بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد العصر وأنه نهى عن ذلك؛ لأنه قال: "أتاني وفد من بني عبد القيس بالإسلام من قومهم، فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر" فصلاهما بعد العصر فهما هاتان الركعتان، فصلاة النبي بعد العصر إنما كان قضاءً لسنة فائتة.

وعلى ذلك أجاز السادة الشافعية أن تُقضَى السنن الراتبة في أوقات النهي (٥)، وللحنابلة (٦) تفصيل في ذلك (أي: بعد العصر وبعد الصبح).


(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ٣٩٤) حيث قال: "وفعل ذلك الأسود بن يزيد وعمرو بن ميمون، ومسروق، وشَريح، وعبد الله بن أبي الهذيل، وأبو بردة، وعبد الرحمن بن الأسود، وعبد الرحمن بن البيلماني، والأحنف بن قيس ".
(٢) يُنظر: "فتح الباري" لابن رجب (٥/ ٤٩) حيث قال: "قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد: هل ترى بأسًا أن يصلي الرجل تطوعًا بعد العصر والشمس بيضاء مرتفعة؟ قال: لا نفعله، ولا نعيب فاعله ".
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري (١٢٣٣)، ومسلم (٨٣٤).
(٥) سيأتي.
(٦) سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>