من ناقة خوّارة رقيقة ... ترميهم ببكرات روقة
وحكى ابن الأعرابي قال: غزا خالد بن قيس بن المضلّل فيمن تبعه من بني أسد فغنم وسبا فمرّت به جارية أعجبته فقال لها: كيف كان أبوك يطبخ اللّباء؟ قالت: كان يهنيه ويمنيه حتى يستقر، ورضفه فيه، فأعرض عنها ثم دعا بأخرى فسألها عن مثل ذلك، فقالت: كان يهذره ويمذره، ويطعن الفارس فينثره، فاتّخذها لنفسه، فجاءت بعاصم بن خالد، وكان يقال له: البر من برّه بأبيه وله يقول أبوه شعرا:
أرى كلّ أمر إلى عاصم ... فما أنا لو كان لم يولد
فلو كنت شيئا من الأشربا ... ت لكنت من الأسوغ الأبرد
قول الأولى: يهنيه ويمنيه: أي يحسن علاجه وهذا مما يوصف بها الرّعاة.
وقول الثّانية: (يهذره ويمذره) : أي يفسده فإذا طعن الفارس أشرقه بدمه فأنثره، ويشبه هذا عندي قول الآخر:
إنّ عليها فارسا كعشرة ... إذا رأى فارس قوم أنثره
أورده منكفيا أو أشعره معنى أشعره: رماه بسهم جعله شعارا له، وهذا شبيه بقول الجعدي:
فتانا بطرير مرهف جفرة ... المخرم منه فسعل يريد
لما جافه بالطعنة أشرقه بدمه فسعل به، وأنشدت عن نفطويه، قال: أنشدني ثعلب عن ابن الأعرابي:
لو كنت ليلا من ليالي الشّهر ... كنت من البيض تمام البدر
بيضاء لا يشقى به من يسري ... أو كنت ماء كنت غير كدر
ماء سماء في صفاتي صخر ... أظلّه الله بعيص الصّدر
فهو شفاء من غليل الصّدر وأنشدت عنه أيضا قول الآخر:
فلو كنت يوما كنت يوم تواصل ... ولو كنت ليلا كنت لي ليلة القدر
ولو كنت عيثا كنت نعمة جنة ... ولو كنت نوما كنت تعريسة الفجر
وأنشده من غير هذا الوجه:
لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المنوّر ليلة البدر