للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عبيد الله بن عبد الله في معنى قول النابغة:

إنّي وإن حدّثت نفسي أنّني ... أفوتك إنّ الرأي منّي لعاذب

لأنّك لي مثل المكان المحيط بي ... من الأرض أنّى استنهضتني المذاهب

فجعل مكان اللّيل من قول النّابغة، لأنّك لي مثل المكان إذ كان لا بد للمخلوق من مكان وزمان، وقالوا: صمنا عشرا من رمضان، وأنشد أبو عبيدة:

فصامت ثلاثا لا مخافة بينها ... ولو مكثت خمسا هناك لصلّت

والشّهور كلّها مذكّرة سوى جماديين، ولا يذكّرون من شهر كذا إلا في ثلاثة أشهر:

شهر رمضان وشهرا ربيع، لأنّ الربيع وقت من السّنة فخافوا إذا قالوا من ربيع أن يظن أنه من الرّبيع الذي قبل الخريف، وقال الرّاعي:

شهري ربيع لا يذوق لبونهم ... إلّا حموضا وخمة ودويلا

الدّويل كسار الحلى ينبت مجتمعا، وكلّ ما يكسر من النّبات وأسود فهو دويل ولو كتب كاتب في ربيع الأول وفي رمضان، ولم يذكر الشهر لجاز وليس بالمختار كما قال:

جارته في رمضان الماضي ... تقطع الحديث بالإيماض

واعلم أنّه لا يكتب لليلة مضت لأنّهم يعدون في اللّيلة، فإذا أصبحوا كتبوا لليلة خلت، ويكتب أوّل يوم من كذا، ولا يكتب مهلّ كذا، ولا مستهل كذا لأنّ الهلال إنّما يرى باللّيل. وأنشد الأصمعي والشّعر لنابغة بني جعدة، وعاش ثمانين ومائة سنة:

قالت أمامة كم عمرت زمانه ... وربحت من عزّ على الأوثان

ولقد شهدت عكاظ قبل محلّها ... فيها وكنت أعد في الفتيان

والمنذر بن محرّق في ملكه ... وشهدت يوم هجا بن النّعمان

وعمرت حتّى جاء أحمد بالتّقى ... وقوارع يتلى من الفرقان

فلبست بالإسلام ثوبا واسعا ... من سيب لا حرد ولا منّان

وقال حين أتت عليه مائة واثنتا عشرة سنة:

مضت مائة لعام ولدت فيه ... وعشر بعد ذاك وحجّتان

وأبقى الدّهر والأيام منّي ... كما أبقى من السّيف اليماني

يصمّم وهو مأثور جراز ... إذا اجتمعت بقائمة اليدان

قال أبو عبد الله فتّاك الجاهليّة: الحارث بن ظالم المرّي- والبراض بن قيس الضّمري- وتأبّط شرّا واسمه جابر بن سفيان الفهمي- وحنظلة بن فاتك أحد بني عمرو بن أسد. وفتّاك

<<  <   >  >>