وَدَاخِلَ الْمَسْجِدِ.
وَأَمَّا السُّنَنُ فَأَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا
ــ
[مغني المحتاج]
اعْتَقَدَ أَنَّهُ طَافَ سَبْعًا فَأَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ سِتًّا اُسْتُحِبَّ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ. قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ بِخِلَافِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ زِيَادَةَ الرَّكَعَاتِ مُبْطِلَةٌ بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُحَاذِيَ شَيْئًا مِنْ الْحِجْرِ بَعْدَ الطَّوْفَةِ السَّابِعَةِ مِمَّا حَاذَاهُ أَوَّلًا (وَ) سَادِسُهَا كَوْنُهُ (دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ حَوْلَهُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيَصِحُّ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ وَسِعَ وَحَالَ حَائِلٌ بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي. نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ الْحِلَّ فَطَافَ فِيهِ فِي الْحِلِّ لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَيَصِحُّ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ أَعْلَى مِنْ الْبَيْتِ كَالصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ مَعَ ارْتِفَاعِهِ عَنْ الْبَيْتِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الصَّلَاةِ جِهَةُ بِنَائِهَا فَإِذَا عَلَا كَانَ مُسْتَقْبِلًا، وَالْمَقْصُودُ فِي الطَّوَافِ نَفْسُ بِنَائِهَا، فَإِذَا عَلَا لَمْ يَكُنْ طَائِفًا بِهِ. وَسَابِعُهَا: نِيَّةُ الطَّوَافِ إنْ اسْتَقَلَّ بِأَنْ لَمْ يَشْمَلْهُ نُسُكٌ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَالطَّوَافِ الْمَنْذُورِ وَالْمُتَطَوَّعِ بِهِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ لِأَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي خِلَافُ الَّذِي شَمِلَهُ نُسُكٌ وَهُوَ طَوَافُ الرُّكْنِ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَطَوَافُ الْقُدُومِ فَلَا يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى نِيَّةٍ لِشُمُولِ نِيَّةِ النُّسُكِ لَهُ. وَثَامِنُهَا: عَدَمُ صَرْفِهِ لِغَيْرِهِ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ صَرَفَهُ انْقَطَعَ لَا إنْ نَامَ فِيهِ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ. .
(وَأَمَّا السُّنَنُ) الْمَطْلُوبَةُ لِلطَّائِفِ فَثَمَانِيَةٌ: أَحَدُهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَأَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا) وَلَوْ امْرَأَةً لِلِاتِّبَاعِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ لَا مَحْمُولًا عَلَى آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِمُنَافَاةِ الْخُشُوعِ، وَلِأَنَّ الْبَهِيمَةَ قَدْ تُؤْذِي النَّاسَ وَتُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ. نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَدِمَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: طُوفِي وَرَاءَ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» وَفِيهِمَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ رَاكِبًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِيَظْهَرَ فَيُسْتَفْتَى» فَلِمَنْ اُحْتِيجَ إلَى ظُهُورِهِ لِلْفَتْوَى أَنْ يَتَأَسَّى بِهِ، فَلَوْ رَكِبَ بَهِيمَةً بِلَا عُذْرٍ لَمْ يُكْرَهُ وَكَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ، هَذَا عِنْدَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ، وَإِلَّا حَرُمَ إدْخَالُهَا الْمَسْجِدَ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ: وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ شَيْءٌ: أَيْ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ، فَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيثَاقُ فَذَاكَ أَيْ خِلَافُ الْأُولَى وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا مَكْرُوهٌ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ إدْخَالَ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ حَرَامٌ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ إدْخَالَ الْبَهِيمَةِ إنَّمَا هُوَ لِحَاجَةِ إقَامَةِ السُّنَّةِ كَمَا فَعَلَهُ إطْلَاقُهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُخَفْ تَلْوِيثُهَا، وَلَا يُقَاسُ ذَلِكَ عَلَى إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمُحْرِمِينَ الْمَسْجِدَ، لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ، وَأَيْضًا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ عِنْدَ الْخَوْفِ بِالتَّحَفُّظِ وَنَحْوِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَهِيمَةُ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْكَرَاهَةَ عِنْدَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ عَنْ جَزْمِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَعْقُودِ لِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ. وَقَالَ: إنَّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ وَلِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَمَا رُدَّ بِهِ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ مَمْنُوعٌ، إذْ الْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَالْإِسْنَوِيُّ مُثْبِتُ الْكَرَاهَةِ، وَغَيْرُهُ نَافٍ لَهَا. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute