وَيَسْتَلِمَ الْحَجَرَ أَوَّلَ طَوَافِهِ وَيُقَبِّلَهُ، وَيَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ اسْتَلَمَ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ: قُلْت نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كَرَاهَةِ الرُّكُوبِ بِلَا عُذْرٍ وَجَزَمَ بِهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَقَالَ مِنْ " زِيَادَتِهِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ: إدْخَالُ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ إنْ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ فَمَكْرُوهٌ.
قَالَ أَعْنِي الْأُشْمُونِيَّ: وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْبَهَائِمِ أَنْ تَكُونَ كَالصِّبْيَانِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ بِلَا شَكٍّ، وَمَعَ ذَلِكَ فَتَرْكُ الْكَرَاهَةِ هُنَا كَمَا مَرَّ أَوْلَى لِلْحَاجَةِ لِإِقَامَةِ السُّنَّةِ، بِخِلَافِ إدْخَالِهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَيُكْرَهُ عِنْدَ الْأَمْنِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَحُكْمُ طَوَافِ الْمَحْمُولِ عَلَى أَكْتَافِ الرِّجَالِ كَالرَّاكِبِ فِيمَا ذُكِرَ، وَإِذَا كَانَ مَعْذُورًا فَطَوَافُهُ مَحْمُولًا أَوْلَى مِنْهُ رَاكِبًا صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ مِنْ الدَّابَّةِ، وَرُكُوبُ الْإِبِلِ أَيْسَرُ حَالًا مِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ. ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ: وَلَوْ طَافَ زَحْفًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَشْيِ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ حَافِيًا فِي طَوَافِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ. قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ: وَأُحِبُّ لَوْ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَافِيًا أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْمَشْيِ لِتَكْثُرَ خُطَاهُ رَجَاءَ كَثْرَةِ الْأَجْرِ لَهُ.
(وَ) ثَانِيهَا أَنْ (يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ: أَيْ يَلْمَسَهُ بِيَدِهِ (أَوَّلَ طَوَافِهِ) وَيُسَنُّ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ الْيُمْنَى (وَيُقَبِّلَهُ) لِلِاتِّبَاعِ.
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِلَامِ بِالْيَدِ اسْتَلَمَ بِخَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْيَدِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَسْتَلِمُهُ بِهِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسَنُّ أَنْ يُخَفِّفَ الْقُبْلَةَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ، وَلَا يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ اسْتِلَامٌ وَلَا تَقْبِيلٌ، وَلَا قُرْبٌ مِنْ الْبَيْتِ إلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَإِنْ خَصَّهُ فِي الْكِفَايَةِ بِاللَّيْلِ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ (وَيَضَعُ) بَعْدَ ذَلِكَ (جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ.
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْبِيلُ وَالسُّجُودُ ثَلَاثًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَهَذَا الْحُكْمُ إنَّمَا هُوَ لِلرُّكْنِ حَتَّى لَوْ نُحِّيَ الْحَجَرُ أَوْ وُضِعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْكَعْبَةِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَقَبَّلَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ. حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ تَقْبِيلِهِ وَوَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ لِزَحْمَةٍ مَثَلًا (اسْتَلَمَ) بِيَدِهِ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَا عُمَرُ إنَّك رَجُلٌ قَوِيٌّ لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ إنْ وَجَدْت خَلْوَةً وَإِلَّا فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ» . وَقَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَلَوْ كَانَ الزِّحَامُ كَثِيرًا مَضَى وَكَبَّرَ وَلَمْ يَسْتَلِمْ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ. وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: إلَّا فِي أَوَّلِ الطَّوَافِ وَآخِرِهِ، فَأُحِبُّ لَهُ الِاسْتِلَامَ وَلَوْ مَعَ الزِّحَامِ، وَهَذَا مَا تَوَقَّى التَّأَذِّي وَالْإِيذَاءَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ اسْتَلَمَهُ بِنَحْوِ عَصًا، ثُمَّ يُقَبِّلُ مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ مِنْ يَدٍ أَوْ نَحْوِ الْعَصَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» . وَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِيَدِهِ ثُمَّ يُقَبِّلُ يَدَهُ وَيَقُولُ: مَا تَرَكْته مُنْذُ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ» مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ مَعَ أَخْبَارٍ أُخَرَ أَنَّهُ يُقَبِّلُ يَدَهُ بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِهَا مَعَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَنْسَكِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute