للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجهل يدعو صاحبه إلى موافقة هوى النفس -وإن كان معصية- ضارًّا لصاحبه.

٢١ - أنه كما على العبد عبودية الله في الرخاء فعليه عبودية في الشدة؛ فيوسف -عليه السلام- لم يزل يدعو إلى الله، فلما دخل السجن استمر على ذلك ودعا الفتيين إلى التوحيد ونهاهما عن الشرك، ومن فطنته -عليه السلام-: أنه لما رأى فيهما قابلية لدعوته؛ حيث ظنَّا فيه الظن الحسن وقالا له: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)} [يوسف: ٣٦]، وأتياه لأن يعبر لهما رؤياهما، فرآهما مُتشوقين لتعبيرها عنده- رأى ذلك فرصة فانتهزها، فدعاهما إلى الله تعالى قبل أن يعبر رؤياهما؛ ليكون أنجح لمقصوده وأقرب لحصول مطلوبه، وبَيَّن لهما أولًا: أن الذي أوصله إلى الحال التي رأياه فيها من الكمال والعلم: إيمانه وتوحيده وتركه ملة مَنْ لا يؤمن بالله واليوم الآخر، وهذا دعاء لهما بالحال، ثم دعاهما بالمقال، وبَيَّن فساد الشرك وبرهن عليه، وحقيقةَ التوحيد وبرهن عليه.

٢٢ - أنه يبدأ بالأهم فالأهم، وأنه إذا سُئل المفتي -وكان السائل حاجته من غير سؤاله أشد- أنه ينبغي أن يُعَلِّمَه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله، فإن هذا علامة على نصح المعلم وفطنته وحسن إرشاده وتعليمه؛ فإن يوسف لما سأله الفَتَيَان عن الرؤيا قَدَّم لهما -قبل تعبيرها- دعوتهما إلى الله وحده لا شريك له.

٢٣ - أن مَنْ وقع في مكروه وشدة لا بأس أن يستعين بمن له قدرة على تخليصه أو الإخبار بحاله، وأن هذا لا يكون شكوى للمخلوق، فإن هذا من

<<  <   >  >>