ومن رسالة للشيخ عبد الرحمن بن حسن بعد قدومه من مصر يتحدث فيها عن رحلة الشيخ محمد:
"فلما شرح الله صدره واستنار قلبه بنور الكتاب والسنة وتدبر الآيات ومطالعة كتب التفسير وأقوال السلف والأحاديث الصحيحة سافر إلى البصرة ثم إلى الإِحساء والحرمين لعله يجد من يساعده على ما عرف من دين الإِسلام فلم يجد أحدًا. كلهم قد استحسن العوائد وما كان عليه غالب الناس في هذه القرون المتأخرة إلى منتصف القرن الثاني عشر ولا يعرف أن أحدًا دعا فيها إلى توحيد الله وأنكر الشرك المنافي له بل قد ظنوا جواز ذلك واستحبابه وبذلك عمت البلوى من عبادة الطواغيت والقبور والجن والأشجار والأحجار في جميع القرى والأمصار والبوادي وغيرهم وما زالوا كذلك إلى القرن الثاني عشر فرحم الله كثيرًا من هذه الأمة بظهور شيخ الإِسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وكان قد عزم وهو بمكة أن يصل إلى الشام مع الحاج فعاقه عائق فقدم المدينة وأقام فيها ثم أن العليم الحكيم رده إلى نجد رحمة لمن أراد أن يرحمه بمن يؤويه وينصره وقدم على أبيه وأهله ببلده حريملاء فدعاهم إلى التوحيد ونفى الشرك والبراءة منه ومن أهله وبيّن لهم الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وكلام السلف، فقبل منه من قبل وهم الأقلون، وأما الملاء من الكبراء والظلمة والفسقة فكرهوا دعوته فخافهم على نفسه وأتى العيينة وأظهر الدعوة بها وقبل منه كثير منها حتى رئيسهم عثمان بن حمد بن معمر ثم أن أهل الإِحساء وهم خاصة العلماء أنكروا دعوته وكتبوا شبهات تبين جهلهم وضلالهم وأغروا به شيخ بني خالد فكتب لابن معمر أن يقتل هذا الشيخ أو يطرده في تحمل مخالفته فنفاه عن بلده إلى الدرعية فتلقاه محمد بن سعود بالقبول وبايعه على أن يمنعه مما يمنع منه أهله وولده وهذه أيضًا نعمة عظيمة وكون الله أتاح له من ينصره ويؤويه ومن هو أقوى من ابن سعود لم يحصل منه ذلك وصبر الأمير محمد على عداوة الأقصى والأدنى من أهل نجد والملوك من كل جهة وبادأهم دهام ابن دواس بالحرب فهجم على الدرعية على حين غفلة من أهلها فحاربهم وقتل أولاد محمد فيصلا وسعودا، فما زاد محمد إلا قوة وصلابة في دينه على ضعف منه وقلة في العدد والعدة وكثرة من عدوهم من وذلك من نعمة الله علينا وعليكم، فرحم الله هذا الشيخ الذي أقامه الله مقام رسله وأنبيائه في الدعوة إلى دينه ورحم