ولا يستحق السلب مخذل، ولا مرجف، ولا عاص، كرام بيننا يفتن؛ لأنهم ليسوا من أهل الجهاد، ويستحق السلب القاتل بشرطه، ولو كان المقتول صبيًا أو امرأة إذا قاتلوا للعمومات، لا إن رماه بسهم من صف المسلمين، أو قتله مشتغلاً بأكل ونحوه، أو منهزمًا فلا يستحق سلبه لعدم التغرير بنفسه، أشبه قتل شيخ فان، وامرأة، وصبي، ونحوهم ممن لا يقتل.
ولو قطع مسلم يدي الكافر ورجليه، فله سلبه، ولو قتله غيره لأنه كفى المسلمين شره؛ ولأن معاذ بن عمرو بن الجموح أثبت أبا جهل، فأدرك ابن مسعود أبا جهل، وبه رمق فأجهز عليه، فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح.
وإن قتله اثنان فأكثر فسلبه غنيمة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يشرك بين اثنين في سلب، ولأنه إنما يستحقه بالتغرير في قتله، ولا يحصل بالاشتراك وإن أسره فقتله الإمام أو استحياه، بأن أبقاه حيًا رقيقًا، أو بفداء، أو من فسلبه ورقيته إن رق وفداؤك إن فدى غنيمة؛ لأن الذي أسره له بقتله، ولأنه قد أسر المسلمون يوم بدر أسرى، فقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم واستبقى منهم، ولم ينقل أنه أعطى أحدًا ممن أسرهم سلبًا ولا فداء، وإن قطع يده ورجله وقتله آخر، فسلبه للقاتل.
ولا تقبل دعوى القتل إلا بشهادة رجلين؛ لأن الشارع اعتبر البينة، وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين، ففي الحديث المتفق عليه المتقدم قريبًا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:«من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه»، وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين، وكالقتيل العمد، وقيل: يعطي السلب إذا قال: أنا قتلته، ولا يسأل ببينة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل قول أبي قتادة، وجوابه الخبر الآخر، وبأن خصمه أقر له فاكتفى بقوله.