إنّ أُولى خُطوات نجاح الدّاعي في دعْوته، واستماع الناس له، وتأثّرهم به والتفافهم من حوله، يرجع إلى القُدوة الحسَنة والأسْوة الطّيِّبة، وأن يكون في تصرّفاته ومعاملاته مرآةً صادقة ونموذجاً حياً لِمَا يدعو إليه.
ولقد كان من أبرز عوامل نجاح الرسول -صلى الله عليه وسلم- في دعْوته إلى الله: أنه كان يجسِّد الكمال البشريّ أمام قوْمه، حتى أنهم قبل البعثة كانوا يُلقِّبونه بـ"الصادق الأمين". وظهرت أخلاقه الحميدة وسجاياه الكريمة منذ أن كان شاباً؛ فقد تحدّث عمّه أبو طالب عنه حينما ذهب يخطب إليه السيدة خديجة -رضي الله عنها- مِن عمّها: عمرو بن أسد، وممّا جاء في خطبة القِران:
"ثم إنّ هذا محمدٌ بن عبد الله، لا يوزن به رجُلٌ إلاّ رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً. وإن كان في المال قلّ، فإنّ المال ظلّ زائل، وأمْر حائل، وعارية مُسترجَعة. وهو -والله- بعد هذا له نبأ عظيم وخطْبٌ جليل".
فقال عمرو بن أسد عمّ السيدة خديجة -رضي الله عنها-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هو الفحل لا يُجدع أنفُه".
وحينما وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- على جبل الصفا يُعلن على أهل مكة الإسلام، فقال لهم:((لو أخبرتُكم أنّ خيلاً وراء هذا الوادي تُريد أن تُغير عليكم، أكنتم مُصدِّقيّ؟))، قالوا: "نعم؛ ما جرّبنا عليك كذباً قط".