قال: فانتبهت، فجاء من عنده إلى قبره، وذكر ما رأى فى المنام، وقال: أنا مولاه، وأسلم عند قبره، ولمى يأخذ شيئا من أحد، إنّى غنىّ، أسلمت لوجه الله، لا لوجه المال.
وحكى أبو سهل بن هارون، قال: قال أبو بكر الصّيدلانىّ، وكان من الصالحين: كنت حاضرا قبره؛ حين جاء اليهودىّ، فأسلم.
وقرأت من مضمون كتاب، كتبه الإمام زين الإسلام، من طوس، فى تعزية شيخ الإسلام أبى عثمان، فصولا، كتبت منها هذه الكلمات اختصارا:«يا ليلة فترة الشّريعة، ليتك ترى الإصباح، ويا محنة أهل السنة، أنخت بكلكلك، لعلّه لا براح، ويا معراج السّماء ليت شعرى كيف حالك؟ وقد خلوت من صواعد دعوات مجلس شيخ الإسلام، ويا ضلّة الإسلام، لولا أنك محكوم لك بالدّوام لقلنا فنيت عن كل النّظام؛ ويا أصحاب المحابر، حطوار حالكم، فقد استر بخلال التّراب من كان عليه إلمامكم، وبا أرباب المنابر، أعظم الله أجوركم. فلقد مضى سيّدكم وإمامكم.
وقالو الإمام قضى نحبه … وصيحة من قد نعاه علت
فقلت فما واحد قد مضى … ولكنّه أمّة قد خلت
وفيه فى فصل آخر «أليس لم يجسر مفتر أن يكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى وقته؟ أليست السّنة كانت بمكانة منصورة، والبدعة لفرط حشمته مقهورة؟ أليس كان داعيا إلى الله، هاديا عباد الله، شابّا لا صبوة له، ثم كهلا لا كبوة له، ثم شيخا لا هفوة له؟، أليس دموع ألوف من المسلمين كلّ مجلس بذكره كانت تتبّرج، وقلوبهم بتأثير وعظه كانت تتوهّج؟ ترى أن الملائكة لم يؤمروا باستقباله، والأنبياء والصّدّيقين، لم يستبشروا بقدومه عليهم وإقباله»!
قلت: ولما انقلب إلى رحمة الله، كثرت فيه المراثى والأشعار، وكانت حاله كما قيل:
لقد حسنت فيك المراثى وذكرها … كما حسنت من قبل فيك المدائح
ومن أحسن ما قيل فيه، ما كتبته بهراة، فى مرثيته للإمام جمال الإسلام أبى الحسن عبد الرحمن بن محمد الدّاوودىّ البوشنجىّ، حيث يقول:
أودى الإمام الحبر إسماعيل … لهفى عليه فليس منه بديل
بكت السّما والأرض يوم وفاته … وبكى عليه الوحى والتّنزيل
والشّمس والقمر المنير تناوحا … حزنا عليه وللنجوم عويل