للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلم يفخر والآداب فاخرة … منيرة يهتدى فيها ذوو الشّين

لو عاد سحبان حيّا قال من عجب … عين الإله على عين الفريقين

قد كان دينى على إتمام رؤيته … لمّا رأيت محيّاه قضى دينى

قل للّذى زانه علم ومعرفة … كم للعلوم بإسماعيل من زين

وقال فيه البارع الرّويانىّ:

ماذا اختلاف النّاس فى متفنّن … لم يبصروا للقدح فيه سبيلا

والله ما رقى المنابر خاطب … أو واعظ كالحبر إسماعيلا

ولقد عاش عيشا حميدا، بعد ما قتل أبوه شهيدا، إلى آخر عمره، فكان من قضاء الله تعالى، أنه كان يعقد المجلس، فيما حكاه الأثبات والثّقات، يوم الجمعة، فى جانب الحسين، على العادة المألوفة منذنيّف وستيّن سنة، [و] يعظ الناس، فبالغ فيه، ودفع إليه كتاب ورد من بخارى مشتملا على ذكر وباء عظيم، وقع بها، واستدعى فيه أغنياء المسلمين بالدعاء على رؤس الأملاء، فى كشف ذلك البلاء عنهم، ووصف فيه أن واحدا تقدّم إلى خبّاز، يشترى الخبز، فدفع الدّراهم إلى صاحب الحانوت، فكان يزنها، والخبّاز يخبز والمشترى واقف، فمات الثّلاثة فى الحال، فاشتدّ الأمر على عامّة الناس.

فلما قرأ الكتاب هاله ذلك، واستقرأ من القارئ قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ} ونظائرها، وبالغ فى التّخويف والتّحذير، وأثّر فيه ذلك، وتغيّر فى الحال، وغلبه وجع البطن من ساعته، وأنزل من المنير، فكان ظهرا لبطن، ويصيح من الوجع، وحمل إلى الحمّام، إلى قريب من غروب الشمس، فكان يتقلّب ظهرا لبطن، ويصيح ويئنّ، فلم يسكن ما به، فحمل إلى بيته، وبقى فيه ستّة أيام، لم ينفعه علاج.

فلما كان يوم الخميس، سابع مرضه، ظهرت آثار سكرة الموت عليه، وودّع أولاده، وأوصاهم بالخير، ونهاهم عن لطم ألخدود، وشقّ الجيوب، والنيّاحة، ورفع الصّوب بالبكاء.

ثم دعا بالمقرئ أبى عبد الله خاصّته، حتى قرأ سورة يس، وتغيّر حاله، وطاب وقته، وكان يعالج سكرات الموت، إلى أن قرأ إسنادا، فيه ما روى، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال:

«من كان آخر كلامه لا إله إلاّ الله دخل الجنّة» ثم توفّى من ساعته، عصر يوم الخميس، وحملت جنازته من الغد، عصر يوم الجمعة، إلى ميدان الحسين، الرابع من المحرّم، سنة تسع وأربعين و

<<  <  ج: ص:  >  >>