للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسماعيل، أدام الله بقاء وسلامته الابتداء، وبذكره الافتتاح؛ فإنه بلغ ولم يبلغ بالسّنّ ما تقصر عنه الأمنيّة والاقتراح، من التّدبّر، والتّعلّم، والوجاهة، والتّقدّم على التّحفّظ، والتّورّع، والتيّقّظ، وقد كان فى نفسه لذكائه، وكيسه، وفطنته، وهدايته وعقله الرّحلة إلى الشيخ» فذكر فصلا فيه، ثم قال:

«ولا نشك أنه يصادف منه فى الإكرام، والتّقديم، والتّعظيم ما يليق بصفاته، وإنجابه، ودرجاته، وأنا شريك فى الامتنان لذلك كلّه، وراغب فى تعجيل إصداره إلى موضعه، ومكانه فى عمارة العلم، بقعوده للتّذكير والتّبصير، وما يحصل به من النّفع الكثير؛ فإن الرجوع لغيبته شديد، والاقتضاء بالعموم لعوده أكيد، والسلام».

وذكر عن الشيخ أحمد البيهقىّ، أنه قال: عهدى بالحاكم الإمام أبى عبد الله، مع تقدّمه فى السّنّ، والحفظ، والإتقان، أنه يقوم للأستاذ عند دخوله إليه، ويخاطبه بالأستاذ الأوحد، وينشر علمه وفضله، ويعيد كلامه فى وعظه، متعجّبا من حسنه، معتدّا بكونه من أصحابه.

قال السّكّرىّ: ورأيت كتاب الأستاذ الإمام أبى إسحاق الاسفراينى، الذى كتبه بخطّه، وخاطبه بالأستاذ الجليل، سيف السّنّة، وفى كتاب آخر: غيظ أهل الزّيغ.

وحكى الأستاذ أبو القاسم الصّيرفىّ المتكلّم، أن الإمام أبا بكر بن فورك كان رجع عن مجلسه يوما، فقال: تعجّبت اليوم من كلام هذا الشّابّ، تكلم بكلام مهذّب عذب، بالعربيّة والفارسيّة.

وحكى عن الشيخ الإمام سهل أيضا أنه كان يقول له بالفارسية: (أبى سرايخ براتيش است بيش است)

قرأت بخط السّكّرىّ، أن الأستاذ أبا عثمان كان يتكلّم بين يدى الإمام سهل الصّعلوكىّ، وكان ينحرف بوجهه عن جانبه، فصاح به الإمام سهل: استقبلنى، واترك الانحراف عنّى.

فقال: إنّى أستحي أن أتكلّم فى حرّ وجهك.

فقال الإمام سهل: انظروا إلى عقله.

ولقد أكثر الأئمّة الثّناء عليه، ولذلك مدحه الشّعراء فى صباه، إلى وقت شبابه ومشيبه، بما يطول ذكره، فمن ذلك ما قال فيه بعض من ذكر [من] أئمّة الأصحاب:

بينا المهذّب إسماعيل أرجحهم … علما وحلما ولم يبلغ مدى الحلم

وكتب أبو المظفّر الجمحىّ إليه، بعد أن سمع خطبته، بهذه الأبيات:

أستدفع الله عنه آفة العين … وكم قرأت عليه آية العين

<<  <  ج: ص:  >  >>