للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزع الغلام من ذلك فخرج يصيح الى حارثة بن سراقة بن معدي كرب فقال: أخذت الفلانية في إبل الصدقة، فأنشدك الله والرحم، فإنها أكرم ابلي عليّ بعيرا وأعزه، فخرج معه حارثة حتى أتى زيادا فطلب إليه أن يردها عليه ويأخذ مكانها بعيرا فأبى عليه، وكان رجلا صلبا مسلما، وخشي أن يروا ذلك منه ضعفا وخورا للحديث الذي كان، فقال: ما كنت لأردها وقد وسمتها في إبل الصدقة، ووقع عليها حق الله عز وجل، فراجعه حارثة فأبى، فلما رأى ذلك حارثة قام الى القلوص فحل عقالها ثم ضرب وجهها فقال: دونك وقلوصك لصاحبها وهو يرتجز ويقول:

يمنعها شيخ بخديه الشيب … قد لمع الوجه كتلميع الثوب

اليوم لا أخلط‍ بالعلم الريب … وليس في منعي حريمي من عيب

وقال حارثة بن سراقة الكندي: (٢٣٥ - ظ‍).

أطعنا رسول الله ما دام وسطنا … فيالعباد الله ما لأبي بكر

أيأخذها قسرا ولا عهد عنده … يملكه فينا وفيكم عرى الأمر

فمن يك يهدها إليه بلا هدى … وقد مات مولاها النبي ولا غدر

فنحن بأن نختارها وفصالها … أحق وأولى بالامارة في الدهر

إذا لم يكن من ربنا أو نبينا … فذو الوفر أولى بالقضية في الوفر

أيجرى على أموال الناس حكمهم … بغير رضا إلى التسلم بالقسر

بغير رضا منا ونحن جماعة شهودا … كأنا غائبين عن الامر

فتلك إذا كانت من الله زلفة … ومن غيره احدى القواصم للظهر (١)

فأجابه زياد بن لبيد:

سيعلم أقوام أطاعوا نبيهم … بأن غوي القوم ليس بذي قدر

أذاعت عن القوم الأصاغر لعنة … قلوب رجال في الحلوق من الصدر

وذمّوا لعقباه إذا هي ضرمت … هواديه الأولى على حين لا عذر

فإن عصا الاسلام قد رضيت … به جماعته الأولى برأي أبي بكر


(١) -تعزى هذه القصيدة أو ما يشابهها الى الحطيئة. انظر ديوانه-ط‍. صادر بيروت:١٤٢ - ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>