. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِذَبْحِ وَلَدِهِ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ بَعْدُ ; فَأَمْرُهُ بِالذَّبْحِ فِي الْمَاضِي مُسْتَصْحِبٌ إِلَى حَالِ إِخْبَارِهِ وَلَدَهُ. وَقَوْلُهُ: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} ، أَيْ: مَا أَنْتَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي الْحَالِ، بِنَاءً عَلَى اسْتِصْحَابِ الْأَمْرِ الْمَاضِي، وَالْفِعْلُ الْمُضَارِعُ يَصْلُحُ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَهُوَ فِي الْحَالِ أَظْهَرُ.
وَإِذَا حَمَلْنَا قَوْلَهُ: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} ، عَلَى الْحَالِ، عَمَلًا بِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ دَلِيلِنَا ; فَلَا اسْتِقْبَالَ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيُؤْمَرُ بِذَبْحِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
قَوْلُهُ: «وَإِلَّا لَمَا احْتَاجَ إِلَى الْفِدَاءِ» ، أَيْ: لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ، مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ: سَيُؤْمَرُ بِذَبْحِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لَا أَنَّهُ أُمِرَ بِهِ فِي الْمَاضِي، لَمَا احْتَاجَ إِلَى الْفِدَاءِ ; لِأَنَّ الْفِدَاءَ يَكُونُ عَنْ تَرْكِ مَأْمُورٍ. وَعَلَى قَوْلِكُمْ: هُوَ إِلَى الْآنِ لَمْ يُؤْمَرْ بِشَيْءٍ ; فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُمِرَ وَتَرَكَ. وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ ذَلِكَ، لَأُمِرَ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لِئَلَّا يَقَعَ الْخُلْفُ فِي خَبَرِ الْمَعْصُومِ، فَلَمَّا لَمْ يَقَعْ، دَلَّ عَلَى بُطْلَانِ مَا تَأَوَّلُوهُ.
قَوْلُهُمْ: لَمْ يَنْسَخْ عَنْهُ الذَّبْحَ، بَلْ قُلِبَ عُنُقُهُ نُحَاسًا. جَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا بِالتَّوَاتُرِ، أَوْ بِالْآحَادِ.
وَالتَّوَاتُرُ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ لَوْ تَوَاتَرَ، لَمَا اخْتَصَصْتُمْ بِعِلْمِهِ دُونَنَا، مَعَ أَنَّ الشَّرْعَ وَاحِدٌ. وَالْأَسْبَابَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، وَلَوْ صَحَّ دَعْوَى ذَلِكَ، لَكَانَ كُلُّ مَنْ مُنِعَ شَيْئًا، أَوْ نُوزِعَ فِيهِ، قَالَ لِخَصْمِهِ: هَذَا تَوَاتُرٌ عِنْدِي دُونَكَ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ خَبْطٌ عَظِيمٌ، وَخَطْبٌ جَسِيمٌ، وَمَا يُشْبِهُ السَّفْسَطَةَ.
وَالْآحَادُ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يُفِيدُ ; لِأَنَّ مَسْأَلَةَ النِّزَاعِ إِنْ كَانَتْ عِلْمِيَّةً ; فَالْآحَادُ إِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute