. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْوَاحِدِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ وَصَاحِبُهُ الْعَنْبَرِيُّ اثْنَانِ مِنْ مَشَاهِيرِهِمْ فَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِدُونِهِمَا.
قَوْلُهُ: «وَقَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ بَاطِلٌ، لِبُطْلَانِ مَبْنَاهُ» وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِتَأْثِيمِ الْمُخْطِئِ فِي الْفُرُوعِ مَبْنِيٌّ عَلَى إِنْكَارِ الِاحْتِجَاجِ بِمَدَارِكِ الظُّنُونِ، مِنَ الظَّاهِرِ وَالْعُمُومِ، وَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِمَا سَبَقَ فِي مَوَاضِعِهِ، فَيَبْطُلُ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
فَوَائِدُ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:
إِحْدَاهُنَّ: أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ؛ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَقَائِعَ الشَّرْعِيَّةَ، هَلْ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا حُكْمٌ أَمْ لَا؟ وَلْنَذْكُرْ تَفَاصِيلَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، ثُمَّ نَذْكُرْ فُرُوعَهُمَا الْمَذْكُورَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَمَّا الْقَائِلُونَ بِأَنَّ فِي الْحَوَادِثِ حُكْمًا مُعَيَّنًا، فَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ كَدَفِينٍ يُعْثَرُ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلَيْهِ دَلِيلًا.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا: هَلْ هُوَ قَطْعِيٌّ أَوْ ظَنِّيٌّ؟ قَالَ الْأَصَمُّ وَبِشْرُ الْمَرِيسِيُّ فِي آخَرِينَ: هُوَ قَطْعِيٌّ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ مَأْمُورٌ بِطَلَبِهِ، وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ إِنْ أَخْطَأَهُ؟ قَالَ بِهِ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ.
وَهَلْ يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي إِذَا خَالَفَهُ؟ قَالَ بِهِ الْأَصَمُّ، وَخَالَفَهُ الْبَاقُونَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: الدَّلِيلُ عَلَيْهِ ظَنِّيٌّ.
وَهَلْ يُكَلَّفُ الْمُجْتَهِدُ بِطَلَبِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إِلَى مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ.