. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَعْيِينِ الْحُكْمِ يَجُوزُ قَطْعًا أَنْ يَتَضَمَّنَ مَصْلَحَةً لَهُمْ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَتَعَيَّنْ تَحْصِيلًا لِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ، " فَمَا الْمُرَجِّحُ " لِتَعْيِينِهِ عَلَى عَدَمِهِ، مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي جَوَازِ تَضَمُّنِهِمَا لِلْمَصْلَحَةِ؟
" قَالُوا " يَعْنِي الْقَائِلَ بِتَعْيِينِ الْحُكْمِ: " الدَّلِيلُ يَسْتَدْعِي مَدْلُولًا قَطْعِيًّا " وَالشَّرْعُ قَدْ أَمَرَ الْمُجْتَهِدِينَ بِالِاسْتِدْلَالِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَدْلُولٌ، لَتَجَرَّدَ الدَّلِيلُ عَنِ الْمَدْلُولِ وَهُوَ مُحَالٌ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ وَالْمَدْلُولَ مِنَ الْإِضَافِيَّاتِ الَّتِي يَسْتَلْزِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، كَالْأَبِ وَابْنِهِ، وَالْأَخِ وَأَخِيهِ.
" قُلْنَا ": أَيِ: الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْتُمْ أَنَّ كَوْنَ الدَّلِيلِ يَسْتَدْعِي مَدْلُولًا مُسَلَّمٌ، لَكِنَّ الْمَدْلُولَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ أَرَدْتُمْ بِهِ يَسْتَدْعِي مَدْلُولًا مُعَيَّنًا، فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَسْتَدْعِيَ مَدْلُولًا مُطْلَقًا، فَهُوَ مُسَلَّمٌ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَشْبَهِ، وَلَا يَلْزَمُ التَّعْيِينُ.
قَوْلُهُ: " فَإِنْ قِيلَ "، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا سُؤَالٌ آخَرُ، وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ " الْأَحْكَامَ الْقِيَاسِيَّةَ " أَيِ: الثَّابِتَةَ بِالْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ " مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّصِّيَّةِ "، أَيِ الثَّابِتَةِ بِالنُّصُوصِ، ثُمَّ إِنَّ الْأَحْكَامَ " النَّصِّيَّةَ مُعَيَّنَةٌ "، إِذْ لَا مَعْنَى لِلنَّصِّ عَلَى الْحُكْمِ إِلَّا الْكَشْفُ عَنْ حَقِيقَتِهِ، لِيَتَّجِهَ التَّكْلِيفُ بِهِ، " فَكَذَا الْقِيَاسِيَّةُ " يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً.
قَوْلُهُ: " قُلْنَا "، أَيِ: الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْتُمْ أَنَّهُ " قِيَاسٌ ظَنِّيٌّ "، لِأَنَّكُمْ قِسْتُمُ الْأَحْكَامَ الْقِيَاسِيَّةَ فِي التَّعْيِينِ، عَلَى الْأَحْكَامِ النَّصِّيَّةِ فِيهِ، " وَمَا ذَكَرْنَاهُ " مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ التَّعْيِينِ " أَظْهَرُ "، وَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، وَالْعَمَلُ بِأَظْهَرِ الدَّلِيلَيْنِ وَأَقْوَاهُمَا مُتَعَيِّنٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute