للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

أَبيض قَلِيل الِاحْتِمَال للْمَاء مَعَه قبض لِأَن هَذَا الشَّرَاب قد يُغَرْغر المَاء فِي الضعْف وَلَيْسَ فِي الْقُوَّة فِي حَال يسخن حَتَّى يجفف فَهَذَا أَنْفَع الْأَشْيَاء لَهُم وأمرخه فِي المَاء بِقدر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ من غرضك وَمَا يقرب من فعل الدَّوَاء وَالْمَاء وَالشرَاب فَلْيَكُن مِقْدَار مَا يشرب مِنْهُ أَلا يطفو فِي الْمعدة وَلَا يجد لَهُ قرقرة وَمِقْدَار الطَّعَام الَّذِي لَا يثقل على الْمعدة وَلَا يَتَعَدَّد وَلَا ينتفخ فَإِن عرض من هَذَا شَيْء فَأَقل فِي الْيَوْم الثَّانِي فَإِن جرى الْأَمر فِي الْيَوْم الأول مَحْمُودًا فزد فِي الْيَوْم الثَّانِي شَيْئا يَسِيرا ودير فِي الْمَشْي وَالرُّكُوب بِقِيَاس زِيَادَة الْجِسْم على مِثَال تَدْبِير لفاقة فَإِن الْفرق بَين الْفَاقَة وَبَين للآمنا فِيهِ أَن جملَة الْجِسْم حَال جسم النَّاقة كَحال معدة هَذَا وَأكْثر مَا يعرض عَلَيْهِ اليبس على الْبدن فِي الْأَمْرَاض المزمنة عِنْدَمَا تشارف رطوبات الْأَعْضَاء أَن تتحلل وَهَذِه الرطوبات وَلَو فنيت جملَة لأمكننا ردهَا بِهَذَا التَّدْبِير وَأما الرُّطُوبَة الَّتِي تلحم أَجزَاء الْعُضْو بَعْضهَا بِبَعْض فَمَا لَا سَبِيل إِلَيْهِ وزد فِي التَّدْبِير مَتى زَاد الْجِسْم وَأكْثر الدَّلْك وَالرُّكُوب وكمية الطَّعَام وَكَيْفِيَّة ميله إِلَى الغلظ فَإِذا قاربوا الصِّحَّة فاقطع بَينهم كشك الشّعير وَاللَّبن وَخذ بهم فِي الْأَطْعِمَة الَّتِي ألفوها من اللحوم الغاذية القوية ودرجهم إِلَى هَذِه قَلِيلا قَلِيلا وَليكن الْغذَاء الَّذِي يتعشى بِهِ أقوى.

وَاعْلَم أَن هَذَا التَّدْبِير لمن هزل من سوء مزاج يَابِس فِي معدته وَمن سل والناقة: وَأما من أردْت أَن يسمن من الأصحاء فَأدْخلهُ الْحمام ومرخه واغذه الأغذية القوية وَلَا يحْتَاج إِلَى لبن وَلَا إِلَى كشك شعير ورضه رياضة تصلح لَهُ واسقه شرابًا كَذَلِك وادلكه دلكا يصلح لَهُ.

قَالَ ج: وَلِأَن النَّاقة وَمن هزل مَعَ ضعف الْمعدة يَحْتَاجُونَ إِلَى غذَاء كثير وَلَا يقدرُونَ على)

استمرائه وَلَو كَانَ متوسطاً فضلا عَن الْكثير يجب أَن يكون غذاؤهم فِي مَرَّات قَلِيلا قَلِيلا مَا داموا على هزالهم الْكثير وَلذَلِك أَنا أغذوهم ثَلَاث مَرَّات حَتَّى إِذا قبلوا أكلهم مرَّتَيْنِ وَليكن مِقْدَار الطَّعَام الأول مِقْدَارًا يستمرئ أكله وينهضم إنهضاماً محكما قبل تنَاول الطَّعَام الثَّانِي وَهَذَا لَا يُمكن أَن يكون مَتى كَانَ الطَّعَام الأول قَوِيا فَيَنْبَغِي أَن يكون الطَّعَام الأول سريع الاستحالة وَالْخُرُوج ليَكُون تنَاوله للطعام الثَّانِي على بَقَاء الْمعدة وَلِأَن الطَّعَام الثَّانِي يَنْبَغِي أَن يكون أقوى تتبعه الرَّاحَة وَالنَّوْم الطَّوِيل وَلذَلِك تَجِد أهل الرياضة يَفْعَلُونَ ذَلِك لأَنهم قد وجدوا صِحَّته بالتجربة وَلَيْسَ بضائر لأَصْحَاب التَّدْبِير المنعش أَن يَفْعَلُوا كَمَا يفعل أَصْحَاب الرياضة وَذَلِكَ أَنهم لَا يشربون بعد عشائهم شَيْئا حَتَّى يستمرءوا طعامهم وَإِن هم عطشوا فاسقهم قَلِيلا بِمِقْدَار مَا يَكْفِي الْعَطش لِأَن المَاء إِذا كثر مَعَ الطَّعَام وَالشرَاب ألف ب فِي الْمعدة منع أَن تحتوي الْمعدة على الطَّعَام فَإِذا استمرءوا فَأذن لَهُم فِي اسْتِيفَاء شربهم فَإِنَّهُم إِذا فعلوا ذَلِك انحدر طعامهم وتغذوا أسْرع فَكَانُوا لَهُ أشهى فِي الْيَوْم الثَّانِي وَإِذا أصبح فليبرزوا وليمشوا قَلِيلا وادلك أبدانهم دلكا معتدلاً.

والمعتدل فِي هَؤُلَاءِ أَن يمسك عَنْهُم إِذا سخن الْبدن ثمَّ يركبُوا فَإِذا نزلُوا فادلكهم أَيْضا وأدخلهم الْحمام قبل انتصاف النَّهَار

<<  <  ج: ص:  >  >>