للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

بِالْقربِ من الْحمام وَكنت أمضي بِهِ إِلَى الْحمام على مقربة لِئَلَّا تجففه الْحَرَكَة وَكنت أجعله فِي الآبزن المعتدل مَاؤُهُ وقتا طَويلا فِي الْموضع المعتدل من الْحمام وَذَلِكَ أَن مثل هَذَا لَا يحْتَاج إِلَى حرارة الْحمام بل رُطُوبَة المَاء وَلَا يجب أَن يكون مَاؤُهُ حاراً لِأَن الْأَبدَان الضعيفة لَا تحْتَمل الْحَار وَلَا الْبرد والطبيعة تهرب مِنْهُمَا جَمِيعًا وَإِذا أفرطا إِلَى غور الْبدن فَإِذا لقِيت المعتدل فِي الْحَرَارَة انبسطت وَخرجت من جَمِيع الْجِهَات الَّتِي تلفاه وغرضنا فِي هَؤُلَاءِ إِنَّمَا هُوَ توسيع المسام وتفتيحها وإرخاؤها وَالْمَاء المعتدل غَايَة الِاعْتِدَال يفعل ذَلِك بكيفيتة لِأَن المَاء الْحَار جدا يشمئز مِنْهُ الْجِسْم فيجتمع وينحصر إِلَى ذَاته وَكنت أسقيه سَاعَة يخرج من الْحمام لبن الأتن سَاعَة يحلب لِأَنَّهُ أفضل الألبان لهَذِهِ الْعلَّة إِذْ هُوَ ألطفها وأرقها وَهُوَ أقلهَا تجنبا فِي الْمعدة وَإِنَّمَا يحْتَاج من اللَّبن إِلَى أَن ينحدر عَن الْمعدة سَرِيعا وَينفذ إِلَى جَمِيع الْجِسْم ليتغذى فِي أسْرع الْأَوْقَات وَيجب أَن يسقى هَؤُلَاءِ اللَّبن وحدة مخضا أَو مَعَ شَيْء يسير من عسل مفتر وليكونا فاضلين جَيِّدين وأعن بالإنسان فِي أَن يستمرئ غذاؤه أَو تتعاهد بالْحسنِ أوغيره وينحى عَنْهَا جحشها وَقد ريضت رياضة معتدلة وتعلف من الْحَشِيش مَا لَيْسَ بِكَثِير الرُّطُوبَة وَمن التِّين وَالشعِير بِقصد وَإِن كَانَ روثها كثير الرُّطُوبَة مملوءاً رياحا علمت أَنَّهَا لم تستمرئه فزد فِي رياضتها وانقص غذائها وَإِن كَانَ أَصْلَب فبعكس ذَلِك وَبعد أَن تسقيه اللَّبن اتركه يستريح إِلَى وَقت دُخُول الْحمام ثَانِيَة وثالثة إِن احتجت إِلَيْهِ وَأدْخلهُ الْحمام ثَانِيَة إِذا علمت أَن اللَّبن قد انهضم وتعرف ذَلِك فِي الجشاء وَمن مِقْدَار انتفاخ الْبَطن وَمِقْدَار ذَلِك خمس سَاعَات الاسْتوَاء أَربع سَاعَات هَذَا إِن أردْت إِدْخَاله الْحمام ثَالِثَة فَأكْثر وكل مَا خرج من المَاء فادلكه بالدهن قبل أَن يلبس ثِيَابه وَانْظُر أَن يكون مِقْدَار كَونه فِي المَاء الْحَار إِلَى أَن ينتفخ وَمن الدَّلْك إِلَى أَن يحمر وَلَا يُجَاوز بعد ذَلِك فيتحلل وَإِن حممته قبل أَن تسخنه سخونة معتدلة فَإنَّك إِن تجاوزته إِلَى ذَلِك أنحلته وقضفته وملاك أمره أَن تمسحه بعد الاستحمام بالدهن لتحفظ عَلَيْهِ رطوبته وَإِن كَانَ يستلذ اللَّبن فاسقه أَيْضا بعد الْحَرَكَة الثَّانِيَة)

وَإِن كَانَ لَا يستلذه فاسقه مَاء الشّعير أَو خندروسا مُحكم الطَّبْخ ثمَّ دَعه يستريح ثمَّ عشه يخبز جيد الصَّنْعَة مَعَ سمك رضراضى وبحصى الديوك وأجنحتها المسمنة بالحليب وتحر أَن يكون طَعَامه خَفِيفا كثير الْغذَاء لَا لزوجة فِيهِ وَلَا فضول كَثِيرَة ولعمري أَن الطَّعَام اللزج الْقوي أَكثر غذاءا وَلَكِن الْجِسْم هُوَ الَّذِي يحْتَاج إِلَى أَن يحِيل الطَّعَام حَتَّى يغتذى بِهِ فتحتاج الْأَبدَان الضعيفة إِلَى مَا يقوى عَلَيْهَا ألف ب فَلذَلِك لَا تصلح لهَذَا الْجِسْم الْأَطْعِمَة الغليظة وَإِن كَانَت أَكثر غذاءا وَأما الْأَبدَان القوية فتصلح والأطعمة الرقيقة جدا لَا تغذي شَيْئا ذَا قدر فاختر لَهَا الْجِسْم الْمُتَوَسّط من هذَيْن أبدا.

وَأَقُول إِن جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَى إنعاش بدنه فَلَيْسَ يجب أَن يسْتَعْمل شَيْئا مِمَّا يشربه غير الشَّرَاب وَلَكِن شرابًا

<<  <  ج: ص:  >  >>