للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَأنزل أَنَّك إِذا رَأَيْت مَرِيضا وَعلمت يَقِينا أَنه يَمُوت إِلَّا أَن قوته لم تغلب غَلَبَة شَدِيدَة فَأَقُول إِن أول مَا تعلم من هَذَا: أَنه لَا يَمُوت سَرِيعا فابحث بعد ذَلِك هَل يكون مَوته ببحران رَدِيء أم لَا فَإِن كَانَ الْمَرَض خبيثا سريع الْحَرَكَة وللقوة بَقِيَّة وللنضج عَلامَة فخليق أَن تَأتي الطبيعة ببحران أَو بالضد إِن رَأَيْت الْقُوَّة خوارة وَالْمَرِيض بطيء الْحَرَكَة وَلَيْسَت للنضج عَلامَة الْبَتَّةَ فَلَيْسَ يحدث لهَذَا الْمَرَض بحران وَلَيْسَ يجب مَتى كَانَ الْمَرَض أقوى من الْقُوَّة أَن تكون الْقُوَّة ضَعِيفَة لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون جَمِيعًا قويين إِلَّا أَن الْمَرَض أقوى.

قَالَ وَقد قلت: إِن أفضل البحران يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض وَأما الَّذِي يكون فِي وَقت تزيد الْمَرَض فَإِن كَانَ حَال الْمَرِيض تؤول إِلَى السَّلامَة فَإِن ذَلِك البحران يكون نَاقِصا أَو غير موثوق بِهِ وَإِن كَانَت حَال الْمَرِيض مهلكة فَإِن ذَلِك البحران إِمَّا أَن يقتل على الْمَكَان وَإِمَّا أَن يُغير الْمَرِيض تغييرا قَوِيا عَظِيما إِلَى مَا هُوَ أشر.

وَأما فِي ابْتِدَاء الْمَرَض فَلَا يكون بحران وَإِن تقدمة الْمعرفَة بِأَحْمَد البحران فَلَا يَصح.

وَأما سَائِر أنحاء البحران فَإِنَّمَا يكون بحدس فَقَط لَا سِيمَا مَتى كَانَ البحران غير مُنْذر بِهِ وَهَذَا النَّوْع من البحران وَإِن لم يُوصل إِلَى مَعْرفَته قبل حُدُوثه بِزَمَان طَوِيل فَإنَّك قد تصل إِلَى مَعْرفَته قبل حُدُوثه بِزَمَان يسير لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يحدث قبله على حَال إرهاق للطبيعة واضطراب إِمَّا فِي النَّفس أَو فِي الذِّهْن أَو فِي السّمع أَو فِي الْبدن أَو فِي شَيْء آخر من أَعْرَاض البحران وَإِذا كَانَ الْمَرَض ينذر ببحران ثمَّ صَعب الْمَرَض فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي وَأَتَتْ نوبَة الْحمى بعد ذَلِك أسْرع مِمَّا كَانَت تَأتي مَعَ أَعْرَاض لم تكن قبل فَلَا بُد أَن يكون البحران فِي تِلْكَ النّوبَة. وَأَنا ألحض مُنْذُ)

الْآن كَيفَ يعلم بِأَيّ نوع يكون البحران أبرعاف أَو بقيء أَو غير ذَلِك.

قَالَ: وَقد قَالَ أبقراط فِي إبيذيميا فِي الْمقَالة الأولى: إِنَّه مَتى كَانَ فِي الرَّأْس والرقبة أوجاع وَثقل مَعَ حمى أَو بِغَيْر حمى فَإِنَّهُ يحدث إِمَّا لأَصْحَاب قرانيطس تشنج فِي العصب وقيء مرار زنجاري وَكثير مِنْهُم يعاجله الْمَوْت وَأما أَصْحَاب الحميات المحرقة فَمَتَى كَانَ فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وَرَأى العليل بَين عَيْنَيْهِ ظلمَة وأحس فِيمَا دون الشراسيف بتمدد بِلَا وجع فَإِنَّهُ يُصِيبهُ رُعَاف وَمَتى كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله ووجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يُصِيبهُ قيء مرّة وبلغم ويصيب الصّبيان فِي هَذِه الْحَالة أَكثر ذَلِك تشنج وَأما النِّسَاء فيصيبهن مَعَ ذَلِك وجع الْأَرْحَام وَأما الكهول وَمن انجزلت قوته فَإِنَّهُ يعرض لَهُ استرخاء فِي بعض أَعْضَائِهِ أَو وسواس أَو جُنُون أَو عمى.

وَقَالَ فِي تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه مَتى تطاولت الْحمى وَحَال الْمَرِيض حَال سَلامَة وَلَا وجع بِهِ من ورم وَلَا بِسَبَب ظَاهر فتوقع خراجا مَعَ انتفاخ ووجع فِي أحد مفاصله وَلَا سِيمَا فِي السُّفْلى وَأكْثر مَا يعرض هَذَا وأوحاه لمن سنه دون الثَّلَاثِينَ وَيجب أَن تتَوَقَّع الْخراج حِين تجَاوز الْحمى عشْرين يَوْمًا. وَقل مَا يعرض ذَلِك لمن كَانَ فَوق هَذَا السن وَكَانَت حماه أطول من هَذَا الْمِقْدَار.

<<  <  ج: ص:  >  >>