وَيجب أَلا تتَوَقَّع الْخراج مَتى كَانَت حماه دائمة وتوقع حمى الرّبع مَتى كَانَت الْحمى تقلع ثمَّ تنوب على غير نظام مَحْدُود. وَلَا تزَال كَذَلِك إِلَى أَن يقرب الخريف وكما أَن الْخراج يعرض لمن سنه دون الثَّلَاثِينَ كَذَلِك الرّبع تعرض لمن بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها.
وَيجب أَن يعلم أَن أَكثر مَا يعرض الْخراج فِي الشتَاء فَإِنَّهُ أَبْطَأَ برأَ إِلَّا أَنه قل مَا يعاود وَهَذَا قَوْله فِي الْخراج وَهُوَ كَاف بَين.
ثمَّ قَالَ فِي الاستفراغ من شكا فِي حمى لَيست بالقتالة صداعا وَرَأى بَين عَيْنَيْهِ سوادا وأصابه مَعَ ذَلِك وجع فِي فُؤَاده فَإِنَّهُ سيصيبه قيء مرار فَإِن أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك نافض وَبرد مِنْهُ مَا دون الشراسيف فَإِن الْقَيْء يُصِيبهُ أسْرع فَإِن تتَنَاوَل شَيْئا من الطَّعَام وَالشرَاب فِي ذَلِك الْوَقْت أسْرع الْقَيْء جدا.
قَالَ: وَمن ابْتَدَأَ بِهِ من أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة الصداع فِي أول يَوْم من مَرضه فَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِ فِي الرَّابِع وَالْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي السَّابِع وَأكْثر أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة يبتديء بِهِ الصداع فِي الْيَوْم الثَّالِث وَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِم فِي الْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَأما من ابْتَدَأَ)
بِهِ الصداع فِي الْخَامِس وَجرى سَائِر أمره على قِيَاس مَا تقدم فصداعه يقْلع عَنهُ فِي الرَّابِع عشر وَذَلِكَ أَكثر مَا يعرض للرِّجَال وَالنِّسَاء فِي حمى الغب وَأما من كَانَ أحدث سنا فقد يعرض لَهُم وَأما من أَصَابَهُ فِي حمى هَذِه حَالهَا صداع وأصابه بدل السوَاد الَّذِي يرَاهُ أَمَام عَيْنَيْهِ غشاوة.
أَو رأى قُدَّام عَيْنَيْهِ شعاعا وأصابه بدل وجع الْفُؤَاد تمدد فِي مَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن والجانب الْأَيْسَر من غير وجع وَلَا ورم فتوقع لَهُ بدل الْقَيْء رعافا.
وَأكْثر مَا يتَوَقَّع الرعاف فِي مثل هَذِه الْحَال لمن كَانَت سنه فِيمَا دون الثَّلَاثِينَ فَأَما من قد بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها فالرعاف يعرض لَهُ أقل وَيجب أَن تتَوَقَّع لمن فِي تِلْكَ السن الْقَيْء. وَفِي هَذَا فِي قَوْله كِفَايَة.
وَقَالَ أَيْضا فِي تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه مَتى كَانَ فِي الرَّأْس وجع شَدِيد دَائِم مَعَ حمى وَكَانَ فِي ذَلِك شَيْء من العلامات الَّتِي تدل على الْمَوْت فَإِن ذَلِك الْمَرَض قتال جدا. وَإِن لم تكن عَلامَة تدل على الْمَوْت وَجَاوَزَ الوجع عشْرين يَوْمًا فتوقع رعافا أَو خراجا فِي الْأَعْضَاء السُّفْلى وَأما مَا دَامَ الوجع فِي الْجُبْن فَإِنَّهُ يجب أَن يتَوَقَّع الرعاف لَا الْمرة وَلَا سِيمَا إِن كَانَ الوجع فِي الصدغين أَو الْجَبْهَة وَكَانَت السن دون خمس وَثَلَاثِينَ سنة وَأما من كَانَ فَوق هَذِه السن فتوقع الْمرة.
وَقَالَ أَيْضا فِي صفته لأَصْحَاب ذَات الرئة: من خرج بِهِ من أَصْحَاب ذَات الرئة خراج عِنْد الْأذن وتقيح أَو فِي الْأَعْضَاء السُّفْلى وَصَارَ ناصورا فَإِنَّهُ سليم.
وتفقد هَذَا وَانْظُر فِيهِ على هَذَا الْوَجْه مَتى بقيت الْحمى على حَالهَا وَلم يسكن الوجع