للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المقاومة الضعيفة تهيج الْمَرَض بهَا لِأَن الطبيعة لَا تحْتَمل شَيْئا من هَذِه لَكِن تبادر تنقي مَا يؤذيها عَنْهَا كَمَا قد نرى عيَانًا الْأَشْيَاء الَّتِي تلذع الْمعدة أَو تهيجها بِضَرْب من الضروب أَو بثقلها فَإنَّك تجدها عِنْد ذَلِك تروم إِخْرَاجه من أقرب الْوُجُوه فَإِن كَانَ طافيا كَانَ بالقيء وَإِن كَانَ فِي أَسْفَلهَا فبإسهال البرَاز وَهَذَا شَبيه بالبحارين الْمُشْتَركَة لِأَن البحران الحميد الْكَامِل الَّذِي لَا يبْعَث للطبيعة شَيْئا يزعجها أَن يَأْتِي بِهِ قبل وقته إِنَّمَا يكون بعد النضج فالأمراض القتالة فِي أَكثر الْحَالَات تقتل فِي تزيد الْمَرَض وَلَا يبْقى العليل فِيهَا إِلَى وَقت الْمُنْتَهى وَفِي وَقت ابْتِدَائه وَإِن تقدم مُنْذر بِمثل هَذَا البحران فَإِنَّهُ يدل على أَنه رَدِيء.

فَأنْزل أَنَّك رَأَيْت فِي الْبَوْل فِي الرَّابِع غمامة سَوْدَاء أَو شَيْئا سوى ذَلِك شَبِيها بهَا مَعَ الْأَعْرَاض القتالة مُنْذُ أول الْأَمر فَأَقُول إِن هَذَا الْمَرِيض يَمُوت لَا محَالة إِلَّا أَنه إِن كَانَت نوائبه تَأتي فِي الْأَفْرَاد فَإِنَّهُ يَمُوت فِي السَّابِع وَإِن كَانَت تنوب فِي الْأزْوَاج مَاتَ فِي السَّادِس وخاصة إِن كَانَ الْمَرَض يَتَحَرَّك حَرَكَة أسْرع فَإِن كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع لم يكن شَيْء مِمَّا ينذر بِهِ فالمعرفة بِهِ أقل إِلَّا أَنه على حَال قد يجب أَن ينظر فِي هَذَا العلامات الَّتِي أصفها.

وَأول العلامات الدَّالَّة على موت الْمَرِيض من غير بحران ضعف الْقُوَّة وَذَلِكَ أَن الْقُوَّة مَتى كَانَت ضَعِيفَة لم تنهض لمقاومة الْمَرَض.

والعلامة الثَّانِيَة أَن لَا يظْهر أَولا أدنى عَلامَة تدل على النضج.

وَالثَّالِث أَن يكون الْمَرَض قَوِيا مُؤْذِيًا وَلَا تكون لَهُ حَرَكَة سريعة.

لي: المؤذي الَّذِي لَيست لَهُ حَرَكَة سريعة هُوَ الَّذِي فِيهِ أوجاع شَدِيدَة إِلَّا أَن أوجاعه تدوم قَالَ: فَكل مَرِيض تَجْتَمِع فِيهِ هَذِه العلامات فَهُوَ يَمُوت من غير بحران ويتقدم بِعلم الْمَوْت فِي أَي يَوْم يكون إِذا نظرت كم يفضل الْمَرَض على الْقُوَّة وَفِي أَي يَوْم تكون النّوبَة أصعب فَإِن رَأَيْت الْمَرَض يفضل على الْقُوَّة فضلا كثيرا وَلم تبْق من الْقُوَّة إِلَّا بَقِيَّة يسيرَة علمت أَن الْمَوْت سريع وبالضد.)

فَأنْزل أَن فضل الْمَرَض على الْقُوَّة كثير إِلَّا أَنه لَيْسَ يتَبَيَّن يَوْمًا وَاحِدًا تبقى الْقُوَّة أم يَوْمَيْنِ فقد تقدر عِنْد هَذَا أَن تميز فتعلم فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يَمُوت الْمَرِيض بأدوار نَوَائِب الْحمى وَذَلِكَ أَن الْيَوْم الَّذِي تكون فِيهِ النّوبَة فَفِيهِ يَمُوت الْمَرِيض. وتقدر تعلم فِي أَي سَاعَة من ذَلِك الْيَوْم يحدث الْمَوْت على الْمَرِيض إِن كنت ذَاكِرًا لما قلت قبل حَيْثُ خبرتك فِي أَي الْأَمْرَاض يَمُوت الْمَرِيض فِي ابْتِدَاء النّوبَة وَفِي أَيهَا فِي الْمُنْتَهى وَفِي أَيهَا فِي الانحطاط وتفقد مَعَ ذَلِك فِي وَاحِد وَاحِد من المرضى بِأَن تتذكر مَا كَانَت حَالَة الْمَرِيض عَلَيْهِ فِي الْأَيَّام الْمُتَقَدّمَة فَإِنَّهُ يعينك مَعُونَة عَظِيمَة على الِاسْتِدْلَال لِأَنَّك إِذا علمت فِي أَي جُزْء من أَجزَاء الْمَرَض فِي الْأَيَّام الْمَاضِيَة كَانَ الْمَرَض يكون أثقل وَكَانَت تلْزمهُ الْأَعْرَاض الرَّديئَة الدَّالَّة على الثّقل استعنت بذلك على الحدس بِمَا يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>