واختلاطا)
فِي كل الحركات كَمَا أَنه فِي الانحطاط الْمَحْمُود يزْدَاد قُوَّة دَائِما وينتقص اختلافه وَذَلِكَ أَن الطبيعة تكون قد نفت جَمِيع حرارة الْحمى إِلَى خَارج وَهَذَانِ الانحطاطان وَإِن كَانَ يعمهما نُقْصَان الْحَرَارَة وَسُكُون الْحمى وَمَا يُوهم الْجَاهِل أَن الْحَال أسكن فَإِن بَينهمَا بونا بَعيدا.
وَكَذَلِكَ فِي الانحطاط الْجيد إِنَّمَا يتَحَلَّل حرارة الْحمى فَلذَلِك يزْدَاد النبض قُوَّة وَيرجع إِلَى الاسْتوَاء وَيذْهب اختلافه وَأما فِي هَذِه فَإِنَّهُ يتَحَلَّل مَعَ انحلال حرارة الْحمى الْحَرَارَة الْمَعْرُوفَة بالحرارة الغريزية ويوهم فِي هَذَا أَيْضا أَن الْمَرِيض أحسن حَالا بِسُكُون الْحَرَارَة ثمَّ إِنَّه عِنْد قيام يقومه إِلَى الْخَلَاء أَو أدنى حَرَكَة يتحركها يعرض لَهُ غشي ثمَّ يعرق يَسِيرا لزجا ثمَّ يَمُوت وَرُبمَا حدث لَهُ ذَلِك من غير قيام وَلَا حَرَكَة فعلى هَذَا يَمُوت الْمَرِيض من قبل ميل الأخلاط دفْعَة إِلَى بَاطِن الْبدن فَإِنَّهُ إِذا كَانَ ذَلِك عرض للطبيعة شَيْء شَبيه بالحطب الْكثير يلقِي دفْعَة على النَّار فيخنقها ويعرض الْمَوْت فِي انْتِهَاء النوائب لشدَّة قُوَّة الْمَرَض على الطبيعة فِي ذَلِك الْوَقْت. وَقد يَمُوت الْمَرِيض والنوبة بعد تتزيد وَقل مَا يعرض هَذَا.
قَالَ: فَجَمِيع الْوُجُوه الَّتِي يكون بهَا موت من يَمُوت بِلَا بحران ثَلَاثَة: الْمَوْت الَّذِي يكون فِي أول النّوبَة وَهَذَا أَكثر مَا يكون إِذا كَانَ ورم عَظِيم فِي أحد الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة أَو كَانَ فِي الْبدن فضل كثير لزج ينصب دفْعَة إِلَى بَاطِن الْبدن فيسد منافذ الرّوح وَالْمَوْت الَّذِي يكون فِي مُنْتَهى النّوبَة وَهَذَا يكون إِذا انْهَزَمت الطبيعة عَن الْمَرَض لِشِدَّتِهِ. وَالثَّالِث الْمَوْت الَّذِي يكون فِي انحطاط النوائب وَهُوَ أقلهَا وَيكون من انحلال الْقُوَّة الحيوانية.
لي: الَّذِي يكون عِنْد الْمُنْتَهى أَكْثَرهَا.
قَالَ: وَلَيْسَ يكون وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة الْوُجُوه مَعَ بحران لِأَن الطبيعة لَا تروم الْبَتَّةَ نفي الْمَرَض عِنْد هَذِه الْحَالَات من الْمَوْت وَإِذا رامت الطبيعة ذَلِك ثمَّ قهرها الْمَرَض سمي بحرانا وَيكون ذَلِك لَا محَالة إِمَّا مَعَ استفراغ وَإِمَّا مَعَ خراج عَظِيم وَسَائِر الِاضْطِرَاب الَّذِي يتَقَدَّم البحران.
قَالَ: وتقدمة الْمعرفَة بِهَذِهِ الْأَصْنَاف من البحران أقل صِحَة وبيانا من الْمعرفَة بأصناف البحران الْمَحْمُود وَيحْتَاج إِلَى درية وفطنة حَتَّى يعلم هَل يكون هَذَا النَّوْع من البحران أم لَا ثمَّ فِي أَي يَوْم ثمَّ هَل يقتل أَو إِنَّمَا يضر فَقَط فَلذَلِك يجب أَن ترتاض بالبحران الْمَحْمُود وَمَا قاربه ثمَّ تنْتَقل إِلَى هَذِه.
وَذَلِكَ أَنه كَمَا أَن أَمر البحران الَّذِي لَيْسَ يدْرك بِأَمْر يَقِين صَحِيح بل إِنَّمَا يدْرك أَكْثَره بالحدس)
كَذَلِك الْمَحْمُود ثَابت يدْرك بِعلم يَقِين وَذَلِكَ أَن حركات الطبيعة منظومة محمودة إِذا كَانَت هِيَ قَوِيَّة ظَاهِرَة وَأما حركاتها وَهِي معلولة فتجري على غير نظام فَلذَلِك لَا تصح مَعْرفَتهَا على مَا يجب إِلَّا أَنه مَتى غلبت الطبيعة غَلَبَة تَامَّة لم ترم فعل البحران الْبَتَّةَ فَإِن كَانَ بهَا أدنى طرف فَإِنَّهَا تقاوم قَلِيلا قَلِيلا ثمَّ لَا تلبث أَن تنهزم وَالْعلَّة فِي مقاومتها هَذِه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute