وَأما الْمَرَض الَّذِي يتَأَخَّر منتهاه فَلَنْ يُمكن أَن تسْتَعْمل فِيهِ تلطيف التَّدْبِير فِي الْغَايَة لِأَنَّك إِذا)
فعلت ذَلِك قتلت العليل فَلهَذَا يَنْبَغِي أَن يكون اغلظ بِقدر مَا انحط من الْمَرَض من الحدة. وَأما الْمَرَض الَّذِي يتَأَخَّر منتهاه فغلظ فِيهِ التَّدْبِير فِي أول الْأَمر بِحَسب ذَلِك فَإِذا قرب المنتهي فلطف التَّدْبِير وَإِنَّمَا يُمكن أَن تسْتَعْمل تلطيف التَّدْبِير بِحَسب الْقُوَّة لِأَن الْقُوَّة إِذا لم تساعد احتجنا أَن نغذي الْمَرِيض وَلَو فِي وَقت النّوبَة فضلا عَن غَيره.
قَالَ ج: الْغَرَض الَّذِي يقْصد فِي الْغذَاء أما فِي كُلية الْمَرَض فِي المنتهي وَالْقُوَّة فبحسب هذَيْن اجْعَل الْغذَاء وَأما فِي الْجُزْئِيَّة فَلَا تعط وَقت النّوبَة وَلَا بِالْقربِ مِنْهَا. وَفِي الدائمة تحر أخف الْأَوْقَات الْمقَالة الأولى من الْفُصُول قَالَ فِي خلال الْكَلَام: إِن الْعِلَل الحادة إِذا كَانَت فِي الصّبيان لم تحْتَمل من المدافعة بالغذاء مَا يحْتَملهُ غَيرهم وأحمل النَّاس للمدافعة بالغذاء الَّذين هم فِي ابْتِدَاء الشيخوخة وَأما الَّذين هم فِي غايتها فَلَا وبعدهم الكهول ثمَّ الشَّبَاب وَمن حرارته الغريزية كَثِيرَة فَهُوَ أقل احْتِمَالا لترك الْغذَاء فِي أَي شَيْء كَانَ فَيَنْبَغِي أَن يكْتَسب من هَذَا أَيْضا دَلِيل على غذَاء العليل والأغذية المرطبة توَافق جَمِيع المحمومين وخاصة الصّبيان لِأَن الْحمى مرض حاد يَابِس وَالشَّيْء الْخَارِج عَن الطَّبْع يَنْبَغِي أَن يُقَابل بالضد وَالصبيان إِلَى ذَلِك أحْوج لرطوبة أمزجتهم لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون مَا يخلف عَلَيْهِم شَبيه مَا حللته الْحمى من أبدانهم ولكثرة مَا يتَحَلَّل مِنْهُم.
قَالَ: الدّلَالَة على مِقْدَار الْغذَاء وكمية مَا يعْطى مَرَّات يَنْبَغِي أَن يُؤْخَذ من الْقُوَّة وَحَال الْبدن ثمَّ يضم إِلَيْهِ حَال الزَّمَان وَالْعَادَة لِأَنَّهُ أَن كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة والأخلاط فِي بدنه أما ردية وَإِمَّا نَاقِصَة فأغذه قَلِيلا فِي مَرَّات كَثِيرَة أما قلته فلضعف الْقُوَّة فَإِن الْقُوَّة الضعيفة لَا تحْتَمل طَعَاما كثيرا.
وَأما فِي مَرَّات كَثِيرَة فَلِأَن حَال الْبدن تحْتَاج إِلَى غذَاء كثير لِأَن رداءة الأخلاط تحْتَاج إِلَى تَبْدِيل مزاجها وقلتها تحْتَاج إِلَى الزِّيَادَة فِيهَا. وَإِن كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة وَلَيْسَت الأخلاط نَاقِصَة وَلَا ردية الْكَيْفِيَّة فغذه قَلِيلا ومرات قَليلَة لِأَن الْقُوَّة ضَعِيفَة وَالْبدن لَا يحْتَاج ضَرُورَة إِلَى الزِّيَادَة وَأولى الْأَشْيَاء يَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل ذَلِك إِذا كَانَ الْبدن مَعَ ضعف الْقُوَّة ممتلئاً كثير الأخلاط فَإِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَحَال الْبدن حَال نقص فأعطه طَعَاما كثيرا فِي مَرَّات كَثِيرَة لِأَن حَال بدنه حَال تحْتَاج إِلَى كَثْرَة طَعَام وقوته تفي بإنضاج ذَلِك فَإِن منعتك نَوَائِب الْحمى فِي كَثْرَة الْأَوْقَات فأعط قدر مَا يتهيأ لَك من الْأَوْقَات. وَإِذا كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَالْمَرَض من امتلاء فأعطه طَعَاما ومرات قَليلَة لِأَنَّهُ أَن كَانَ الشَّيْء الَّذِي ينضج قَوِيا فَإِن حَال الْبدن حَال لَا يحْتَاج إِلَى غذَاء. وَهَكَذَا)
خُذ الِاسْتِدْلَال من حَال الْمَرَض وَالسّن وَالْعَادَة وَالْوَقْت وَنَحْوهَا.
أما الصَّيف فَيجب بِحَسبِهِ أَن تُعْطى العليل مرَارًا كَثِيرَة قَلِيلا قَلِيلا لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى زِيَادَة فِي الْغذَاء لِكَثْرَة مَا يتَحَلَّل مِنْهُم فِي الصَّيف أَكثر والأصحاء فِي الشتَاء لِأَن قوتهم ضَعِيفَة. وَأما فِي الشتَاء فأعطه غذَاء كثيرا فِي مَرَّات قَليلَة أما كثيرا فَلِأَن الْقُوَّة فِيهِ تكون أقوى وَأما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute