النضج فَلَيْسَ تخطىء إِن أدخلته الْحمام مَرَّات وَلَا إِن سقيته شرابًا رَقِيقا مكسوراً بِالْمَاءِ ولتكن أطعمتهم بَارِدَة رطبَة وَمَا يقدر على استمرائه وأصوب الطَّرِيق فِيهِ أَن تقتصر على مَاء كشك الشّعير إِلَى أَن يَجِيء البحران فَهَذَا تَدْبِير الْخَالِصَة. وَأما غير الْخَالِصَة فاجتهد فِي أَن لَا تزيد فِي الْمَرَض من جِهَة الْغذَاء وَلَا توهن الْقُوَّة من الْمَرِيض من أجل اللطافة وانح فِي ذَلِك نَحْو طول الْمَرَض وَقدر الْقُوَّة لِأَن طول الْمَرَض يحْتَاج إِلَى تَقْوِيَة الْغذَاء وَكَذَا ضعف الْقُوَّة وبالضد وَلَا تدخلهم الْحمام إِلَّا بعد النضج. واغذهم أقل من غذَاء صَاحب الغب الْخَالِصَة فَأن احتاجوا إِلَى أخراج الدَّم فافعل ودبر الْغذَاء بِحَسب ماترى بِأَن تخلط بهَا مَا يقطع ويسخن وأوفق مَا يعالجون بِهِ كشك الشّعير ملقى فِيهِ فلفل أَو زوفاً أَو صعتر أَو سنبل الطّيب تلقيه فِي مَاء الْعَسَل وأدر بَوْلهمْ بِمَا لم يكن مفرط اليبس وَأفضل مَا عولجوا بِهِ أفسنتين وتواتر سقيه وَبعد السَّابِع السكنجين والأدوية المسهلة السليمة. فَأَما الْقَيْء بعد الطَّعَام فَيبلغ من نَفعه أَنِّي أعرف خلقا قد تخلصوا بِهِ من هَذِه الحميات.
علاج اصحاب الرّبع قَالَ: دبر أَصْحَاب الرّبع فِي أول الامر بالفصد وَلَا تسقهم شَيْئا من الْأَدْوِيَة القوية وَلَا تستفرغ إِلَّا أَن يكون الدَّم غَالِبا جدا فيفصدوا كَمَا قدمنَا من الباسليق فَأن لم يكن فالأكحل وتفقد حَال الدَّم فان كَانَ غليظاً أسود وَأكْثر مَا تَجِد ذَلِك فِي أَصْحَاب الأطحلة الغليظة فأمعن فِي أخراج الدَّم فَأن كَانَ أَحْمَر ناصعاً رَقِيقا فاقطع أخراجه عَن الْمَكَان وَاجعَل فصدهم من الباسليقن فَأن لم يكن من الباسليق فالأكحل وَاجعَل أغذيتهم لَا تولد رياحاً الْبَتَّةَ بل تحلها وتتوخى تلين بَطْنه مَا أمكن بالأشياء المألوفة فَأن لم ينجح فبالحقن أَولا بِمَا فِيهِ حِدة يسيرَة ثمَّ بالأقوى وامنعهم من الْأَطْعِمَة الغليظة جدا وامنعهم من الشَّرَاب الرَّقِيق والأطعمة الرُّخْصَة الَّتِي لَا لزوجة فِيهَا ويسعملون المالح والخردل فِي الْأَيَّام بعد تطاول الْعلَّة ودواء القاقلى والكمونى وَإِن أمسك عَن الْحمام إِلَى أَن تَنْتَهِي الْحمى كَانَ أَجود وَإِن لم تكن الْحمى قَوِيَّة فَيَنْبَغِي أَن يرتاض فِي يَوْم الرَّاحَة فَهَذَا علاجها إِلَى وَقت الْمُنْتَهى وَظُهُور النضج وَبعد النضج يستفرغ ويدر الْبَوْل وتنطل الأحشاء بِمَا يلين صلابتها وتعود بهَا بعد الْمُنْتَهى مُدَّة طَوِيلَة فَأَنَّهُ صَالح لَهُ)
وإسهاله بعد الْمُنْتَهى بِمَا يستفرغ الأخلاط السوداوية مرَارًا كَثِيرَة والقيء على التملؤ من الطَّعَام مَرَّات مُتَوَالِيَة وَإِن لم يعق عائق فقيئهم بالخربق الْأَبْيَض بعد أَن تغرزه فِي فجل وتدعه حَتَّى يَأْخُذ قوته وَيطْعم ذَلِك الفجل فَأن لم يبلغ مايراد سقِِي الخربق نَفسه. وَمن يعسر عَلَيْهِ الْقَيْء استفرغ من الْبَطن ثمَّ يعْطى الترياق وَسَائِر الْأَدْوِيَة الْمَذْكُورَة لهَذِهِ الْحمى وأبلغها دَوَاء الحلتيت وَأما من يسْتَعْمل شَيْئا من هَذِه الْأَدْوِيَة فِي الأبتداء وَبِالْجُمْلَةِ قبل الأنتهاء فأنما يزِيد فِيهَا فَأَما علاج النائبة فِي كل يَوْم فَأَنَّهُ يسقى السكنجين فِي الْأَيَّام الأول وَمَا يدر الْبَوْل أدراراً صَالحا وَجُمْلَة التَّدْبِير فِي هَذِه الْعلَّة يكون ملطفاً مقطعاً وَإِذا بلغت الْمُنْتَهى فاعتن بالمعدة وخاصة فمها ثمَّ مره بالقيء بالفجل بعد التماؤ من الطَّعَام واستفراغ البلغم بالإسهال.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute