وَأما النائبة كل يَوْم فطويلة غير سليمَة وَيَنْبَغِي أَن تقدر الْغذَاء مُنْذُ أول الْأَمر بِحَسب كل وَاحِدَة مِنْهَا وَذَلِكَ أَن الحاد السَّرِيع الْبلُوغ إِلَى منتهاه ينفع أَن يدبر صَاحبه التَّدْبِير اللَّطِيف.)
وَأما البطيئة النِّهَايَة فَأن لم يُعْط صَاحبهَا أغذية أغْلظ أتلفته إِذا اضطررت أَن تنْتَقل عَن ذَلِك التَّدْبِير إِلَى غَيره فِي غير الْوَقْت الَّذِي يجب وَذَلِكَ أَنه فِي وَقت النِّهَايَة أحْوج مَا يكون الْمَرِيض إِلَى تلطيف التَّدْبِير.
وَقَالَ: انْظُر فِي كل الحميات وخاصة فِي الغب أخالصة هِيَ أم مشوبة فَأن الغب الْخَالِصَة تَنْقَضِي أَكثر مَا يكون فِي سَبْعَة أدوار وَلَا تجاوزها وَهِي مَعَ ذَلِك أسلم الحميات وَإِن كَانَت غير خَالِصَة وَلَا نقية فالحال فِيهَا بالضد.
مِثَال: ابْتَدَأَ بفتى ابْن اثْنَتَيْ عشرَة سنة أَبيض اللَّوْن سمين بطال التَّدْبِير حمى على مَا أصف فِي ابْتِدَاء الخريف فَلم تُفَارِقهُ إِلَّا بعد الرّبيع بأيام وَكَانَ ابْتِدَاؤُهَا بقشعريرة قَرِيبا من وَقت الصُّبْح ثمَّ لم تكن حَرَارَتهَا حِين صعدت شَبيهَة بحرارة الغب وَلَا نبضه شَبِيها بالنبض فِي الغب وَلَا أَصَابَهُ قيء مرار وَلَا عرق وَلكنه لبث يَوْمه ذَلِك وَلَيْلَته أجمع إِلَى الْغَدَاة محموماً فَلَمَّا كَانَ فِي السَّاعَة الثَّالِثَة من الْيَوْم الثَّانِي ندى بدنه ندى يَسِيرا فتحللت حماه بعض التَّحَلُّل إِلَّا أَنه تحلل ضَعِيف وبكد مَا ظهر نقاؤه فِي آخر ذَلِك الْيَوْم وَكَانَ على حَال فِي عرقه دَلَائِل حمى بَاقِيَة إِلَّا أَنه كَانَ خَفِيف الْبدن عشيته تِلْكَ وَلَيْلَته فَلَمَّا كَانَ نَحْو الصُّبْح عرضت لَهُ النّوبَة كالحال الأولى وانتظم على هَذِه الْحَال طول تِلْكَ الْمدَّة وَكَانَ نبضه فِي طول تِلْكَ الْمدَّة صلباً وبوله غير نضيج فَلَمَّا كَانَ فِي الرّبيع ابْتَدَأَ نبضه يلين وَأَقْبَلت ترسب فِي الْبَوْل رسوب محمودة وَهَذِه حَال الغب الَّتِي هِيَ أبعد شَيْء من الْخَالِصَة وَأما مَا بَين الْخَالِصَة وَغير الْخَالِصَة من هَذِه الحميات فكثيرجداً وَلَيْسَ يعسر تعرفها من تعرف الطَّرفَيْنِ أَحدهمَا هَذَا الَّذِي ذكرت وَالْآخر أَن الغب الْخَالِصَة تنوب أَربع سَاعَات وَإِلَى اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة أَكثر شَيْء وَيكون فِي الْبَوْل فِي الثَّالِث وَالرَّابِع وَلَا محَالة عَلامَة نضج وعَلى هَذَا فاعرف خلوص النائبة كل يَوْم من الرّبع لِأَن الْحمى الَّتِي تَجِد فِيهَا جَمِيع أَعْلَام الرّبع الْخَالِصَة وبالضد وَالرّبع والبلغمية إِذا لم تخلصا قصرت مدتهما كَمَا أَن الغب إِذا لم تخلص طَالَتْ مدَّتهَا فعلى هَذَا انْظُر فِي المفترة وَاجعَل تدبيرك بِحَسبِهِ وَأما اللَّازِمَة فاقصد فِيهَا بِالنّظرِ إِلَى الْبَوْل وَالْبرَاز وسحنة الْبدن كُله والنبض وَقدر الْحَرَارَة والأسباب الْخَارِجَة فعلى ذَلِك تكون قَالَ: وَيَنْبَغِي فِي الغب أَن تقصد بجهدك إِلَى تبريد الْبدن وترطيبه ولاستفراغ الصَّفْرَاء بالقيء وَالْبرَاز وتسييل الْبَوْل والعرق فَأن تنقية الْبدن بهَا محمودة واستعن على تليين الْبَطن بالحقن اللينة ن وَإِذا ظَهرت عَلَامَات النضج فأعطه أفسنتيناً فَأن لَهُ عملا مَحْمُودًا والإستحمام بِمَاء)
حَار عذب يستفرغ شَيْئا من المرار وينفع لِأَنَّهُ يرطب الْبدن فَأَما غير العذب فَلَا يَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل فَأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الذبول إِن اسْتعْمل فِي هَذِه الْحَال. وتبريد بدن صَاحب هَذِه الْحمى وترطيبه مُوَافق لَهُ فَلْيَكُن غرضك فِي استحمامه أَن ترطبه فَقَط وَإِن ظَهرت عَلَامَات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute