مخالفة هذه القصة للمشهور من هديه صلى الله عليه وسلم من التثبت والاستفصال من أرباب الحدود كما في قصة ماعز رضي الله عنه وفي قصة السارق الذي قال له صلى الله عليه وسلم - واضحة ذلك أن لفظ الخبر (أنه جيء بلص فقال صلى الله عليه وسلم اقتلوه: فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنما سرق. وهكذا في كل مرة يقول لهم صلى الله عليه وسلم: اقتلوه فأخبروه بجرمه وأنه (السرقة) فيقول صلى الله عليه وسلم (اقطعوه) . هذا ما يستبعد حصوله وهو صلى الله عليه وسلم في مقام التشريع والبيان للناس. وحد السارق: القطع لليد اليمنى في المرة الأولى لا القتل. والأمر الثاني: المفيد لنكارته: مباينة هذه القصة للمعقول، إذ كيف يتصور أن يأتي شخص مقطوع اليدين والرجلين (فيهتك الحرز) ويسرق ويخرج بالمال المسروق من حرزه. هذا لا يتأتى.
وليس هذا رد للنص بالعقل واستبعاد التصور: كلا ثم كلا. ولكنه شرح وبيان لحكم الحفاظ والنقاد على هذا الحديث: بالنكارة. وأنه حديث منكر.
ثانياً: في القصة اضطرابا (١) .
قد جاء في متن هذا الحديث اضطراباً لا يمكن معه الجمع بين القصتين ذلك أنه جاء في روايته من حديث جابر رضي الله عنه: أن السارق قتل في الخامسة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وجاء في روايته من حديث الحارث رضي الله عنه: أن السارق قتل في الخامسة
في خلافة أبي بكر رضي الله عنه: والقصة واحدة. والجمع متعذر؟. فهل هذا إلا وجه من وجوه الاضطراب فهذا الحديث إذا مضطرب في متنه والمضطرب من قسم الضعيف.
فتخلص إذا أن هذا حديث لا تقوم به حجة: لنكارته واضطرابه والله أعلم. وهذا المسلك: هو عدم تصحيح هذا الحديث ورده رواية ودراية هو مذهب جماعة
(١) المضطرب هو اختلاف الرواة على شيخ بعينه. ويكون في المتن أيضاً (انظر اختصار علوم الحديث لابن كثير ص/٧٢ ط أحمد شاكر سنة ٣٧٠ هـ. بمصر)