٢- أن زجر القاذف برد شهادته لا يتحقق في كلّ أحد لتفاوت الناس. فهو غير مطرد في حق كل أحد.
٣- أن قاعدة الشرع المطردة (رد المفاسد وتغليظها وجلب المصالح وتكثيرها) ، وما يترتب على رد شهادته أبداً من المفاسد، تغمر المصلحة في ذلك والله أعلم.
هذا ما قرره ابن القيم من الاستدلال للحنفية ومناقشة الجمهور لهم. والذي يظهر بعد التأمل قبول الاستدلال ومناقشته في آن واحد على الوجه الآتي: وهو أن قول الحنفية أن رد شهادة القاذف من باب التغليظ بالزجر.
يقال نعم هو كذلك لكن إلى غاية وهي: حصول توبته. وإذا كان التغليظ معيناً حصل انضباطه.
وأيضاً فالقذف عادة إنما يحصل من الرّعاع لا من أعيان العباد وهم لا ينزجرون غالبا برد شهاداتهم، وإذا كانوا يمثلون الأكثرية من القاذفين فإن المقصود- والله أعلم- من رد الشهادة لا يحصل بالنسبة للأكثر والعبرة بهم.
وما لم يتب فهو محكوم بفسقه ورد شهادته وأما إذا تاب فقد تجلت هذه الظلم والتوبة في الإسلام تجب ما قبلها من الذنوب كالإسلام بعد الشرك يجب ما قبله من الضلال والكفر. وحينئذ إذا قلنا باستمرار رد شهادته ولو بعد التوبة تنزلت هذه الوجوه من الرد التي ذكرها الجمهور في تعقبهم على الحنفية والله أعلم. ٤- تنظير هذه العقوبة بقطع يد السارق:
يقرر ابن القيم دليلهم على أن رد شهادة القاذف أبداً حتى لو تاب هو عقوبة في محل الجناية وهو لسانه، وهذا مثل عقوبة الشارع في قطع يد السارق فيقول في استدلالهم (١) :