للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا١ غير مختص بالمسند إليه، ولا بهذا القدر٢، بل التكلم والخطاب والغيبة مطلقا٣ ينقل كل واحد منها إلى الآخر، ويسمى هذا النقل "التفاتا" عند علماء المعاني٤ كقول ربعية بن مقروم "من البسيط":

بانت سعاد فأمسى القلب معمودا ... وأخلفتك ابنة الحر المواعيدا٥

فالتفت كما ترى؛ حيث لم يقل: "وأخلفتني". وقوله "من الطويل":

تذكرت والذكرى تهيجك زينبا ... وأصبح باقي وصلها قد تقضبا

وحل بفلج فالأباتر أهلنا ... وشطت فحلت غمرة فمثقبا٦

فالتفت في البيتين.

والمشهور عند الجمهور أن الالتفات هو التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة, بعد التعبير عنه بطريق آخر منها٧.


١ أي: النقل من الحكاية إلى الغيبة.
٢ أي: ولا النقل مطلقا مختص بهذا القدر، وهو النقل من الحكاية إلى الغيبة، وإنما أُوِّلت عبارته هذا التأويل لما في ظاهره من التهافت.
٣ أي: في المسند إليه وغيره، وحيث سبق التعبير بأحدهما ثم عبر بالآخر على خلافه أو لم يسبق، كما سيأتي.
٤ بعضهم يجعل منه التعبير بالمضارع عن الماضي، وعكسه، والانتقال من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجماعة إلى الآخَر منها.
٥ المعمود: الحزين، وابنة الحر: هي سعاد من وضع المظهر موضع المضمر. ويجوز أن يكون الخطاب في قوله: "وأخلفتك" تجريدا لا التفاتا على ما هو الجليّ من الفرق بينهما؛ لأن مبنى التجريد على المغايرة؛ لأنه يجرد من الشخص شخصا آخر، ومبنى الالتفات على اتحاد المعنى، وكذلك يقال في كل ما أشبه هذا الخطاب.
٦ هما لربيعة بن مقروم أيضا، وقوله: "والذكرى تهيجك" معترض بين الفعل ومفعوله، وقوله: "تقضب" بمعنى انقطع، وفلج والأباتر وغمرة ومثقب: مواضع، وقوله: "شطت" بمعنى بَعُدت. والالتفات في البيت الأول من التكلم إلى الخطاب، ويجوز حمله على التجريد كما سبق، والالتفات في البيت الثاني من الخطاب إلى التكلم.
٧ يجب فيه أيضا أن يكون التعبير الثاني على خلاف ما يقتضيه ظاهر السياق، وإن كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>