نحن اللذون صبّحوا الصباحا ... يوم النخيل غارة مِلْحاحا من الاسم الظاهر، وهو يدل على الغيبة، ومقتضى سياقه أن يعود الضمير عليه من الصلة بطريق الغيبة أيضا. ويعد منه الانتقال من الغيبة إلى الخطاب في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [عبس: ١-٣] ، وإن كان الخطاب ظاهر المقام؛ لأنه خلاف ظاهر السياق. ١ يعني: أو لم يعبر عنه بغيره, وكان مقتضى الظاهر ... إلخ. وهذا الشق الثاني هو الذي ينفرد فيه الالتفات عند السكاكي عن الالتفات عند الجمهور؛ كالالتفات من التكلم إلى الخطاب في الشاهدين السابقين لربيعة بن مقروم، والجمهور يجعلونه من التجريد لا من الالتفات، والخطب في هذا سهل. ٢ أي: لغوي لا منطقي؛ لصحة العكس المنطقي هنا بخلاف اللغوي؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون كل التفات عند السكاكي التفاتا عند الجمهور، وهو باطل. ٣ فالسياق يقتضي "وإليه أرجع" وإن كان الخطاب هو ظاهر المقام؛ لأن قوله: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ} تعريض بالمخاطبين، والمراد "وما لكم لا تعبدون". وقيل: إنه لا التفات في قوله {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ؛ لأنه يجوز إرادة المخاطبين فلا يكون في معنى "وإليه أرجع"، وقيل: إن في قوله {وَمَا لِيَ} التفاتا، والحق أنه من التعريض لا من الالتفات. ومن الالتفات من = التكلم إلى الخطاب قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: ١٤] ، وهو أظهر من الآية السابقة.