للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: المجاز بالحذف والزيادة

واعلم أن الكلمة كما توصف بالمجاز لنقلها عن معناها الأصلي كما مضى؛ تُوصَف به أيضا لنقلها عن إعرابها الأصلي إلى غيره لحذف لفظ أو زيادة لفظ؛ أما الحذف فكقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ١ أي: أهل القرية٢؛ فإعراب القرية في الأصل هو الجر، فحذف المضاف وأعطي المضاف إليه إعرابه، ونحوه قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} ٣ أي: أمر ربك٤. وكذا قولهم: "بنو فلان يطؤهم الطريق" أي: أهل الطريق.

وأما الزيادة: فكقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ٥ على القول بزيادة الكاف٦, أي: ليس مثله شيء؛ فإعراب "مثله" في الأصل هو النصب، فزِيدت الكاف فصار جرا.

فإن كان الحذف أو الزيادة لا يوجب تغيير الإعراب كما في قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} ٧ إذ أصله: أو كمثل ذوي صيِّب، فحذف "ذوي" لدلالة {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} عليه, وحذف "مثل" لما دل عليه عطفه على قوله: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} ؛ إذ لا يخفى أن التشبيه ليس بين صفة المنافقين العجيبة الشأن وذوات ذوي صيب٨, وكقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} ٩، وقوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} ١٠، فلا توصف الكلمة بالمجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>