بأنّه كان شديد التعصّب على الشافعيّ، يطلق لسانه فيه. وهذه تهمة لم يقم عليها دليل، وهذه مؤلّفات التنوخيّ، ما تيسّر لنا منها، تنفي عنه هذه التهمة، والمحسّن التنوخي، اتقى لله، من أن يعرض للشافعيّ بسوء.
ويلاحظ، أنّ التنوخي، قد أدرج في نشواره، قصصا عدة، دلّت على اعتقاده بالتنجيم «١» ، ولعلّ عدم الاستقرار الذي رافق القرن الرابع الهجريّ، كان من الأسباب التي دفعت التنوخيّ، وأباه، إلى الاعتقاد بالتنجيم، والعيافة، والزجر، وغيرها، مما يتمسّك به الإنسان، رغبة منه في الفرار من الحقيقة المرّة، إلى خيال يبشّر بمستقبل أطيب من حاضر لا خير فيه.
وفي النشوار، قصص لا تحصر، عن القضاة، وأخبارهم، وعمّا قام به بعضهم من أفعال كريمة في رفع المظالم، وردع المعتدي الظالم، بل إنّ هذا الموضوع، هو الموضوع الرئيسي الذي اشتمل عليه هذا الكتاب، بالنظر لاختصاص المؤلف واطّلاعه على خباياه «٢» ، اطّلاعا تاما.
ولما كانت المنافسة، بين أبناء الصناعة. الواحدة، أمر مترقّب منتظر، فالذي لا شكّ فيه، أنّ التنوخي المؤلّف، ووالده، وبعض أقربائه من التنوخيّين، من قضاة وشهود، قد حصلت بين بعضهم، وبين بعض القضاة، منافرة، ولذلك، فإنّ التنوخيّ، لم يتأخّر عن إثبات القدح في أولئك القضاة، ولكنّه لكمال عقله، لم يشتم أحدا من هؤلاء القضاة بلسانه، وإنّما شتمهم بلسان غيره، فهو يورد شعرا للشاعر الفلاني، هجا به القاضي الفلاني، أو يثبت قولا قاله الفقيه الفلاني، في القاضي الفلاني «٣» .