للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فطلب من التنوخيّ «أن يمضي إلى الخليفة، وأن يقول له عن والدة الصبيّة، إنّها مستزيدة لإقبال مولانا عليها» «١» .

وكأنّ التنوخي خشي مغبّة الدخول في هذا الحديث، أو كأنّه استشعر أن لا فائدة من التحدّث فيه، فقد أحسّ بأنّه أصبح بين نارين، إن كلّم الخليفة أغضبه، وإن اعتذر أغضب عضد الدولة، وهما أمران أحلاهما مرّ، فاختار لنفسه أن يتمارض، وحبس نفسه في داره، متعلّلا بالتواء ساقه، وأنّه لا يطيق مبارحة فراشه.

ولكنّ عضد الدولة، أحسّ بأنّ التنوخيّ متمارض، فبعث إليه من كشف أمره، وعندئذ صبّ جام غضبه عليه، فعزله من جميع أعماله، ونصب بدلا منه، قضاة ستّة، يقومون بالعمل الذي كان منوطا به وحده، كما أنّه أصدر إليه أمره، بأن يظلّ في داره حبيسا، لا يبارحها «٢» ، وظلّ التنوخيّ على حاله هذه، حتى توفّي عضد الدولة في السنة ٣٧٢.

وليس فيما بين أيدينا من قصص النشوار، ما نستطيع أن نتبيّن منه، كيفيّة حياة القاضي المحسّن التنوخي، بعد وفاة عضد الدولة، والذي يلوح لنا، أنّه لم يتقلّد عملا من أعمال السلطان. وأنّه قصر وقته، على إتمام كتابه «النشوار» ، الذي بدأ به في السنة ٣٦٠، وعلى تأليف كتاب «الفرج بعد الشدة» ، الذي بدأ به في السنة ٣٧٣ «٣» ، وقد استخلص أكثر أخباره من النشوار، وعلى تربية ولده أبي القاسم عليّ، الذي ولد في السنة ٣٧٠.

وكما أنّ المحسّن التنوخيّ، كان وحيد والديه، على ما يظهر، وقد ولد،

<<  <  ج:
ص:  >  >>