للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجَملِ، والعاشِقُ على المرأةِ والرَّجُلِ".

قالَ المُشَرِّحُ: مذهبُ الكُوفيّين في هذه المسألةِ أنَّ كلَّ صَفَةٍ لا يُشارِكُ فيها المُذَكَّر المؤنَّثَ لا تَدخُلُها التَّاءُ، ولا حاجَةَ إلى الفَرقِ كحائِضٍ وحاملٍ، وذلِكَ أنَّ الحيضَ والحَمل صفتان مُختَصَّتَانِ بالنِّساء وما أحسن هذا لو كانَ يَطَّرِدُ في جميعِ ما حُذِفَ عنه التَّاء فهذا مَحصولُ هذا الفَصلِ.

واعلم أنّهم قَالوا: امرأةٌ جميلةُ الوَجهِ تامةُ القَدِّ، وناقةٌ ضامرةٌ وامرأةٌ عاشِقٌ فأثبتوا في الفَصلِ الأوَّلِ دونَ الثَّاني، والفَرقُ بَينَهُما أنَّ الضَّمرَ والعِشقَ وإن عُنِيَ بهما الثَّباتُ والدَّوامُ يَحتَمِلان الحُدوثَ والتَّجَدُّدَ، فلم تَدخل عليهما التَّاءُ لئلَّا يُوهماه بخلافِ [الفصلِ الأوَّل فإنَّه وإن أُريدَ به الثَّباتُ والدَّوامُ لكنَّ إدخالَ التَّاءِ فيهما لا يُوهِمُ الحُدوثَ والتَّجدُّد] (١) لأنَّ جمالَ الوَجهِ وتمامَ القَدِّ إذا ثَبَتَ لم يَحدُث ولم يَتَجَدَّد بعدَ ذلِكَ. فإن سألتَ: ما ذَكرتَ من الدَّليلِ إن دَلَّ على دُخُولِ التَّاءِ في قولِكَ: امرأةٌ جَمِيلةُ الوَجهِ تامةُ القَدِّ أكثرُ من دُخُولِها على ناقةٍ ضامرٍ وامرأةٍ عاشقٍ فها هنا ما يَدُلُّ على القَلبِ والعَكسِ، وذلِكَ أن التَّاءَ في تِلكَ الصُّورةِ مما لا يَتَوَفَّرُ عليه تَمامُ مُقتَضَاه، وإطلاق الكَلِمَةِ في مَوضِعٍ لا يَتَوَفَّرُ فيه عَليها تَمامُ المُقتَضَى أقلُّ من إطلاقِهَا في مَوضِعٍ يَتَوَفَّرُ فيه عَليها تَمامه. أجبتُ: في كلِّ من الصُّورتين وُجِدَ المُقتَضى لإِطلاقها والمانِعُ منه، أمَّا وجودُ المُقتَضى فمساسُ الحاجَةِ إلى التَّفرِقةِ بينَ المُذَكَّرِ والمُؤنثِ وأمَّا وجودُ المانِعِ فهي (٢) صُوَر الجَميلَةِ والتَّامَّةِ وُقوعُ الكَلِمَةِ وهي التَّاءُ مجازًا ضرورةَ أنَّها لا تقعُ مُوهِمَة للحدُوثِ والتَّجَدُّدِ، وفي صورةِ الضَّامِرِ والعاشِقِ يُوهِمُهُ لكنَّه غيرُ مُرادٍ، ووقوعُ الكَلِمَةِ مَجازًا أهونُ المانِعينَ إذ المجازُ كثيرًا ما يُقَدَّمُ على الحَقيقةِ، لكونِ كلّ واحدٍ من أنواعِهِ مُحتَويًا على


(١) في (أ).
(٢) في (ب) ففي صورة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>