للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوعِ فَصاحَةٍ بخلافِ وقوعِ الكَلِمَةِ مُوهمةً غير المُرادِ، فإنه لا يُقَدَّمُ ضَرورة أنَّه مفوِّتٌ المَقصودَ، وأمَّا الإِيهامُ في صَنعة الشّعرِ بمَعزِلٍ عن هذا لأنَّه وإن كانَ يُوهِمُ غيرَ المُرادِ إلَّا أنَّه لا مَحالةَ يكونُ هناكَ ما يُقَوِيّ جانِبَ المُرادَ، ولا كَذلِكَ في فَصلِ ناقةٍ ضامِرٍ وامرأةٍ عاشِقٍ فإنه لو أطْلَقَ التَّاء والمُرادُ به مُجازاةً وهو عَدَمُ الحُدُوثِ والتَّجَدُّدِ لما كانَ فيه ما يُقَوّي جَانِبَ المَجَازِ. فإن سألتَ: فَعَلى ما ذَكَرتَهُ وَجَبَ القولُ بجوازِ امرأةٍ ضارِبٍ وقاعِدٍ إذا أُرَيدُ بها الثَّباتُ والدَّوامُ، أجبتُ: الضَّربُ لا يَمتَدُّ فلا يَتَحَقَّقُ فيه الثَّباتُ والدَّوامُ، أمَّا إذا قُلتَ: امرأةٌ قانِتٌ وعاقِلٌ فلعلَّةٍ وعلى ذلِكَ نَحو قوله تَعالى (٢): {وكانَت مِنَ القانِتِينَ} على أنَّ في الآية وجهًا آخَرَ وهو أنْ يكونَ من قبيلِ قولِ النَّابِغَةِ في الخنساء: إنَّ لها أربعَ خِصًى.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ؛ وَيَستَوِى المُذَكَّر والمُؤنَّثُ في: فَعولٍ ومِفعَالٍ ومِفعيلٍ وفَعيلٍ بِمَعنى مَفعولٍ ما جَرى على الاسمِ تَقُولُ: هذه المرأةُ قَتِيلُ بَنِي فُلانٍ، ومررتُ بِقَتِيلَتِهِم".

قالَ المُشَرِّحُ: هذا الفَصلُ مما يُؤكّد الفَصل الأوَّل، وذلِكَ أنَّ فَعولًا ومِفعالًا ومَفعيلًا مِمَّا يَستَوي فيه المُذَكَّرُ والمُؤَنَّث لأنَّها على مَعنى ثَابِتٍ تَدُلُّ فإن سألتَ فإنَّ طَوِيلًا وكَريمًا وحَسَنًا على مَعنى ثابتٍ تَدُلُّ وهي مَعَ ذلِكَ تُؤَنَّثُ، والَّذي يَدُلُّ على أنَّها على مَعنى (٤) ثابتٍ تَدُلُّ أنَّهم قَالوا: مَتَى قَصَدُوا بهذِهِ الأسماءِ الحُدُوثَ قِيلَ: هو طايلٌ وكارِمٌ وحاسِنٌ أجبتُ: حَسَنًا وإن كان يَدُلُّ على الثُّبوتِ إلَّا أنَّه قامَ استِعمالًا مقامَ اسمِ الفاعلِ ونابَ مَنَابَهُ، ولذلِكَ تَقُولُ: حَسُنَ يَحْسُنُ حُسْنًا فهو حَسَنٌ، كما تَقُولُ: ضَرَبَ يَضرِبُ ضربًا فهو


(١) في (ب).
(٢) سورة التحريم: آية: ١٧.
(٣) شرح الأندلسي: ٣/ ١٩ عن الخوارزمي.
(٤) في (أ) بمعنى ثابت.

<<  <  ج: ص:  >  >>