للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَكسورةَ قَبلها. فإن سألتَ: هل يَجوزُ في قافِ قُسِيّ غيرُ الكَسرَةِ، وهذا لأنَّ فُعلًا لا يكسَّرُ على فِعُول بِكَسرِ الفاءِ؟ أجبتُ: لا يَجوزُ. قالَ الشَّيخُ أبو عليٍّ في كتابِه المَوسوم بـ"حُجَّةِ القَراءَاتِ" (١) ولَم يُعلم أحدٌ ممن يُسكن إلى رِوَايَتِهِ حَكىَ فيه غَيرَ ذلِكَ، وهذا على لُغةِ مَن يَكسِرُ أوَّل الكَلِمة فى بِيوتٍ وجِيُوبٍ وعِيون وعِيول. فإن سألتَ: فلعلّ تلكَ اللُّغة شاذَّةٌ مُستَضعفَةٌ ويدُّلُّ على ضَعفها وشُذوذها أنّه أتى فيها بِضَمّةٍ بعدَ كَسرةٍ، وقد عَلِمتَ أنَّ ذلِكَ مَرفوضٌ في كلامِهِم ولذلِكَ لم يَرِد فِعُل في الأوزان (٢) بكسرِ الفاءِ وضَمّ العَينِ. أجبتُ: لَيست تِلَك اللُّغةُ شاذَّةً ومن ثمَّ كانَ حمزةُ يَكسرُ الأوّلَ من هذه الحُروف كلّها، والمَعنى فيه أنَّ الحركةَ إذا كانت للتّقريب من الحَرفِ لم تُكرَه، ولم تَكن بمنزلةِ ما لا تَقريب فيها، ألا تَرى أنَّه لم يَجئْ في الكلامِ عندَ سيبوِيه على فِعلِ إلَّا إبلِ، وقد استَعملوه على الاطِّرادِ إذا كان القَصدُ فيه تَقريبَ الحَرَكَةِ من الحرفِ وذلك قولُهُم: جِبِر بالكَسرِ - للنَّحيل، ورَجُلٌ مِحِكٌّ، وجايعٌ نِهِمٌ، وكذلِكَ استَعملوه على إرادَةِ التَّقريب ما لَيس في كلامِهِم البَتَّةَ وذلِكَ نحوَ شِهيد وشِعير ورِغيف ولَيس في الكلامَ فِعِيل على غيرِ هذا الوَجهِ، ويَعضِدُ ذلك ما أنشَدَهُ أبو زَيدٍ (٣):

يأكُلُ أزمانَ الهُزَالِ والسِّنِيّ

وهو فُعُول فإنّما حُذِفَت النُّون للقافِيَة، ومما يدلُّ على أنَّ أصلَ القافِ في قِسِيّ الضَّمَّةُ أنَّك لو نَسَبتَ إليها قُلتَ: قُسَوِيٌّ -بالضَّم- فَتَرُدَّ الضَّمَّةَ التي هِيَ الأصلُ.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ؛ وذو الياءِ من المَحذوفِ العَجُزِ يُجمَعُ بالواوِ والنُّونِ مُغَيَّرًا أوَّلُهُ كَسُنُون وقُلُون، وغَيرَ مغيّرٍ كثِبُون وقِلُون".


(١) لم أستطع معرفة موضع هذا النّص من كتاب الحجّة.
(٢) في (ب) في الأول.
(٣) لم أعثر عليه في النوادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>