كتاب التخمير شرح المفصل في صنعة الإعراب

قالَ المُشَرِّحُ: حَرفُ الجَرِّ متى دَخَلَ على "ما" الاستفهاميّة سَقَطَ ألفها إيهامًا أنَّ الاستِفهامَ غَيرُ مُنحَطٍّ عن رُتبَةِ الصَّدرِ.

قالَ جارُ الله: "فَصلٌ؛ ومَنْ كما في وجوهِها إلَّا في وقوعِها غيرَ مَوصولةٍ ولا مَوصوفةٍ".

قال المُشَرِّحُ: تقول في (مَن) المَوصولة، مررتُ بمَن أبوه مُنطَلِقٌ، ورَأيتُ مَن أخوهُ قائِمٌ، وفي المَوصوفَةِ رَأيتُ مَن مُنطلِقًا ومررتُ بِمَن صالحٌ.

قالَ الأنصاريُّ (١):

فَكَفَى بِنا فضلًا على مَن غَيرِنا … حُبُّ النَّبِيِّ مُحَمّدٍ إيَّانا (٢)

ويَجوزُ في مَررتُ بِمن صالحٌ الرّفع، والتَّقديرُ عن أو مَنْ هو صالِحٌ، ومما يَدُلُّ على أنَّ "مَنْ" تكونُ نكرةً قولُ عَمرو بنِ قَمِيئَةَ (٣):

يا ربّ مَن يُبغِضُ أذوادَنا … رُحنَ على بَغْضائِهِ واغتَدَيْن

(١) هو حسّان بن ثابت الأنصاري، وقيل: كعب بن مالك الأنصاري، ويروى لبشير بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ويروى لعبد الله بن رواحة ومن أراد التخلص من هذا الخلاف قال: قال الأنصاري وكلهم من الأنصار.
(٢) ديوان حسّان: ١/ ٥١٥، تحقيق الدكتور وليد عرفات، وديوان كعب: ٢٨٩ وهو من شواهد كتاب سيبويه: ١/ ٢٦٩، وعليه الأعلم، وانظر شرح أبياته لابن السيرافي: ١/ ٥٣٥، وشرحها للكوفي: ٢٠٠، وانظر الجمل للزّجاجي: ٣١١، وشرح أبياته لابن سيدة: ١٠١ وشرحها لابن هشام (الفصول والجمل … ): ٢٣٣، وشرحها لأبي جعفر اللّبلي: ٦٤. وانظر أمالي ابن الشجري: ٢/ ١٦٩، ٣١١، وشرح ابن يعيش: ٤/ ١٢، وشرح الأندلسي: ٢/ ١٠٢، والمنتخب الأكمل في شرح الجمل للخفاف الأشبيلي: ٣/ ١٥٣ والعيني: ١/ ٤٨٦.
(٣) رواه المرزباني في معجم الشعراء: ٢٤ لعمرو بن لأي، وهو عمرو بن لأي بن موالة بن عائذ بن ثعلبة بن تميم اللّات بن ثعلبة، من أشراف بكر بن وائل في الجاهلية، وهو فارس: مجلز. وانظر من اسمه عمرو من الشعراء رقم (٤٥) نشر قسطًا منه الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب سنة ١٣٩٠ هـ. والبيت من شواهد كتاب سيبويه: ١/ ٢٧٠، والمقتضب: ١/ ٤١، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٣١١، وشرح ابن يعيش: ٤/ ١١، والأندلسي: ٢/ ١٠٠ وانظر ديوان عمرو بن قميئة الذي نشره الدكتور حسن كامل الصيرفي: ١٩٥ وانظر أيضًا ديوانه الذي نشره الأستاذ خليل إبراهيم العطية: ٨١.