للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَليه، كما تَقولُ: ما تَأكُلْ آكله فتُرجِعُ الضَّميرَ إلى "ما"، قالَ الله تَعالى: {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} أبدلَ من الألفِ في "ما" الأولى الهاءَ. قالَ الإِمامُ عبدُ القاهِرِ الجُرجانيُّ: كما فَعَلُوا ذلِكَ في "أنا" في الوَقفِ حيثُ قالوا: أنَهْ.

[وَجهُ القولِ الأوّلِ: أنَّ حروفَ الجَزاءِ تزادُ عليها "ما" كقوله (١): {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ} و (٢) {أَيْنَمَا تَكُونُوا}] (٣).

وجَة القَولِ الثَّاني: في قَولِ مَن يَقول: الجَزاءُ مَهمن قال (٤):

أماوِيَّ مَهمَنْ يَستَمعْ في صَديقِه … أقاويلَ هذا النَّاسِ ماوِيَّ يَندَمِ

"ومَن" لمَن يَعقُل، كما أنَّ "ما" لِمن لا يَعقُل، والفَرقُ بينَ ما ومهما، أنَّ "ما" فيها مَعنى المُبالغة أقلَّ، وفي "مهما" أكثرُ، إذا قالَ القائِلُ: مَهما تَفعلْ أفعلْ فكأنَّه قالَ: لا أصغرُ عن كَثيرِ فِعلِكَ ولا أكبرُ عن صَغِيرِهِ. هذا مَحصولُ كلامِ ابنِ السَّرّاجِ (٥).

قال جارُ الله: "والحَذفُ في الاستفهامِ عندَ إدخالِ حُروفِ الجَرِّ عَليها، وذلِكَ قولُكَ: فِيمَ، وبِمَ، وعَمَّ، ولِمَ، وحتَّامَ وإلامَ (٦)، وعَلامَ".


(١) سورة الأنفال: آية: ٥٧.
(٢) سورة النساء: آيهّ: ٧٨.
(٣) في (أ).
(٤) لم أعثر على قائله، وقال البغداديُّ في خزانة الأدب: ٣/ ٦٣٠ وهو شبيه بشعر حاتم الطائي، ولم أجده في شعره. وقد حقق ديوانه الذي صنعه يحيى بن مدرك الطائي ورواه هشام بن محمد الكلبي الدكتور عادل سليمان جمال ونشره سنة ١٩٧٥ م ولم يرد هذا البيت لا في الديوان ولا في المُستدرَك. ورواه الأندلسي في شرحه: ٢/ ٩٩ (يندما) فلعله توهّم ما توهمه البغدادي فظنه من قصيدة حاتم الميميّة المنصوبة التي أولها:
أتعرف أطلالًا ونؤيًا مهدّما … كخطك في رق كتابًا منمنما
(٥) انظر النقل عن ابن السراج في شرح الأندلسي: ٢/ ٩٩.
(٦) ساقط من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>