للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرّح: اجتَمَعَ في قوله: (عليه رجلًا ليسني) شيئان (١) شاذان أحدهما: - عليه للغائب والأصلُ فيه أن يُقال للمخاطبِ، وهذا لأنَّ بعضَ أحد نوعي الظَّرف يقامَ مقامَ أمرِ المُخاطَبِ دونَ أَمْرِ الغائِبِ والمُتَكَلِّمِ فإِن سألتَ: فما الموجِبُ (٢) لتَخصِيصِهِ بأمرِ المُخاطَب؟ أَجبتُ: لأنَّ إِضمارَ أمرِ المُخاطَبِ أخصَرُ ألا تَرى أنَّه لا يَحْتَاجُ إلَّا إلى نَفْسِ الفِعلِ بِخِلَافِ إضمارِ أَمري المُتَكَلِّمِ (٣) والغائِبِ فإنه كما يَحْتَاجُ إلى نَفْسِ الفِعلِ يَحْتَاجُ إلى الأمرِ أيضًا، وقَد جَاءَ في الحديثِ كذلك (٤): (عَليكمَ بالباءَةَ فمن لم يَسْتَطِعْ فَعَلَيهِ بالصَّوم فإِنَّ الصَّومَ له وِجَاءٌ). الثَّاني ليسني والأصل ليس إيَّايَ كما مضى وليسَ في البيت على حذفِ نون العمادِ أَبعد مَخْرَجًا من ليسني بالنُّون. وقبله:

* عَهْدِي بِقَومي كَعَدِيدِ الطَّيْسِ (٥) *

إذ ذَهَبَ ...... البيت

وهو الكَثِير من الرَّملِ والماءِ وغيرِهما، وكذلك الطَيْسَلُ، واللَّامُ مَزيدَةٌ، كما في عَبْدَلٍ وَزَيْدَلٍ ويروى (٦): - عَدَدتُ قَومي …

قالَ جارُ اللَّهِ: فَصلٌ، والضَّميرُ المُسْتَتِرُ يكونُ لازِمًا وغيرَ لازمٍ فاللَّازمُ


(١) في (ب) شذوذان.
(٢) في (ب) الواجب.
(٣) في (ب) الغائب والمتكلم.
(٤) أورد البخاري في صحيحه: ٣/ ٣٤ عن عبد اللَّه بن مسعود وأوّل الحديث "أيّها الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنّه أغضّ للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنه له وجاء" هكذا لفظه في صحيح البخاري كتاب الصّوم: ٣/ ٣٤، وكتاب النكاح: ٧/ ٣. وللحديث ألفاظ أخرى ولكنّ هذا اللّفظ هو الأقرب لما أراد المؤلّف.
(٥) قال ابنُ المستوفى: اختلفوا في تفسير الطّيس فقال بعضهم هو كل ما على وجه الأرض من خلق الأنام. وقال بعضهم بل هو كل خلق كثير النسل نحو النمل والذباب والهوامّ، وقال غيره: الطيس الكثير من الرمل والماء وغيرهما وأراد به الراجز هنا الرّمل.
(٦) قال ابن المستوفى: كذا أنشده العلماء [يعني: عددت] ويروى عهدي بقومي وهو الصّحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>