للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه لحين (١) وساعة، لا من حَيْثُ إنَّهما طُرِحا عَليهِ من المُضَافِ إليه الذي كانَ لإِذا.

أَجبتُ: هذا من تَعكيس الأمرِ، وهذا لأنَّ المَبنِيّ إذا أضيفَ عادَ مُعربًا، كقولِكَ يا كريمُ، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (٢)} كما تَرى مَبنيُّ فإذا قُلتَ: يا كريمَ القومِ، ولله الأمرُ من قبلِ كلِّ شيءٍ ومن بَعْدِهِ، عادَ مُعربًا ولأنَّ قوله (٣):

* لعاقِبةٍ وأنتَ إذًا صَحيحُ *

ليس بمضافٍ إليه، فكذلك تَقولُ: مررتُ بكلٍّ قائمًا فَيأتِي الحالُ على هذا المُنوّن فلولا أنَّه معرفةٌ لما جازَ الحالُ عنه، وكذا قوله: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} (٤) التَّنوين في بعضٍ عوضٌ عن المضافِ إليه لأنَّ أصلَ الكلامِ وَرَفَعْنَا بَعضَهم فَوقَ بعضِهم، فَلولا أنَّ التنوينَ فيه عِوَضٌ عن المُضافِ إليه لما حَسُنَ حَذفُ المضافِ إليه، ولا يكونُ هذا الحَذْفُ إلَّا بَعد أن يَجْرِيَ ذِكْرُ شَيءٍ كأنَّ إنسانًا قالَ: خَطبتُ في مَجلسِ فلانٍ فَقلتَ: لقيتُكَ حينئذٍ وكأنَّه قيل: هل لك عهدٌ بالقوم فقلتَ: مررتُ بكلٍ قائمًا، والمعنى بكلّهم فإن سألتَ: فما هذا التَّكرارُ المَعْنَوِيّ في قولِهِ حينئذٍ وساعتئذٍ؟ أجبتُ: هذا كما في قولِهِ (٥):

* يا تيمُ تيمَ عَديٍّ لا أبا لكُمُ *

فإن سألتَ: لم وَجَبَ التكرارُ عند حذفِ المضاف إليه؟

أجبتُ: لِسرِّ شَريفٍ فيه، وذلك أنّ إيرادَ الجرِّ والتنوين على الاسم


(١) في (ب) تحين.
(٢) سورة الرّوم: آية: ٤.
(٣) هو أبو ذؤيب الهذلي، والبيت في شرح أشعار الهذليين: ١/ ٦٨. والخصائص: ٢/ ٣٧٦، وشرح ابن يعيش: ٣/ ٢٩، وخزانة الأدب: ٣/ ١٤٧.
(٤) في (ب).
(٥) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>